السؤال الذي يطرح نفسه في كل مرة هو:
ـ لماذا الاهتمام بأدب الأطفال؟
ـ سؤال كبير ومهم، وله اثر بالغ في حياتنا الثقافية والإبداعية!
ذلك أنّ الاهتمام المخلص بالأطفال يحتاج في الوقت نفسه إلى الاهتمام بالكبار (جيل الآباء والأمهات)!!
وعليه يمكن القول هنا:
ـ إن جيل الأطفال لايمكن ان ينمو نمواً سليماً ومعافى من مجتمع يعاني فيه الآباء والأمهات!!
ـ لذا فتحرير الكبار مما يشوّه إنسانيتهم ويقف عائقاً في طريق تقدمهم هو الخطوة الأولى التي لابدّ منها من أجل جيل معافى جديد!! هذا الجيل الذي يتصف بالقدرة على مواجهة التحديات والتسلح بالمعرفة والفهم والتمسك بالتراث والأصالة، مع الاحترام لرموز الأمة ولأبطالها وعلمائها!..
وعليه هنا يمكن القول أيضاً:
ـ إنّ الاهتمام بالأطفال وبأدب الأطفال تعبير عن الاهتمام بالحاضر والمستقبل معاً، وهذا الأدب الذي يتوجه إلى الأطفال لابد له أن يلبي حاجة الأطفال، لابد له أن يساير ميولهم، وأن ينهض بأحلامهم ويجعلهم يعيشون طفولتهم ويتمتعون بها، ويحققون آمالهم، ويكتشفون خصائص شخصياتهم.. وبعامة لابدّ أن يلبي حاجة المجتمع إلى بناء المستقبل المنشود !…
والاهتمام الجاد بالأطفال وبأدب الأطفال وثقافتهم دليل على الوعي الحضاري، دليل على تفتح الشخصية ووعيها لذاتها في مواجهة التحديات.
***
إن أدب الأطفال ضرورة من ضرورة الثقافة الشاملة، وهو أيضاً من شروط التنمية الثقافية لدى المجتمع، وكل تنمية ثقافية لا تضع في حسابها أو اهتمامها أدب الأطفال تعدّ ناقصة، بل تفتقر لجذورها!.
لذا كان لابد من تأصيل أدب الأطفال، لابد من تأسيسه وتدعيمه في إطار التربية والمجتمع، وهذا التأصيل والتأسيس والتدعيم لا يتوقف عند نشر كتاب!.. لا يتوقف عند بث برنامج إذاعي أو تلفزيوني، لا يتوقف عند عقد ندوة متخصصة، لا يتوقف عند نشاطات متنوعة مكرسة لأدب الأطفال! هذا التأصيل يحتاج إلى تخطيط قومي عربي شامل، يدخل في صلب التخطيط القومي للثقافة العربية، ويراعي خصوصيات أدب الأطفال وثقافتهم ومسؤولياتهم، على اعتبار أنها الادخار المضمون للمستقبل والأيام القادمة، والحياة تتطلب تواصلاً أكيداً بين الأجيال من أجل الأفضل والأمثل.
***
إن لأدب الأطفال طابعه التربوي الذي يحمل قيمه وتوجهاته، إذ لا قيمة لهذا الأدب إن لم يكن تربوياً، ولأدب الأطفال طابعه القومي الذي يعبر عن الذات القومية، ويدعم المحافظة على الأصالة مع استمرار التقاليد الثقافية، والتواصل مع المصادر المعرفية والإبداعية، مع العلم أن لأدب الأطفال أيضاً طابعه الشعبي الذي يستلهم التراث الشعبي والمأثورات الشعبية، والحكايات والأقاصيص المتداولة، بل إنه يجدد وسائل التعبير ويسعف الذاكرة بخصائصها، ويثير الخيال، وينهض بالقيم العليا.
ولأدب الأطفال أيضاً طابعه الايديولوجي، فقد دخل مجال الصراع الفكري، والدول المتقدمة تسعى جاهدة إلى الترويج لأنماط ثقافية تابعة لها.. وعلى ذلك فالخطاب الثقافي تتعاظم فعاليته في أدب الأطفال، وهو بذلك يصبح أكثر تأثيراً وأكثر ضماناً للمستقبل.
نزار نجار