اعتادت أروى أن تستيقظ كل صباح, تفتح نافذتها لمجموعة اليمام..
تضحك فرحة بقدومهم.. وهي تراهم ينقرون بمناقيرهم الصغيرة على زجاج النافذة, ويرفرفون بأجنحتهم الصغيرة ترحيباً بها.
تتطلع إليهم بسرور, كم تتمنى لو تسمعهم..وتحدثهم..
لكنها ذكية جداً, تفهم كل حركاتهم, وبإحساسها المرهف تسمع هديلهم.
ثم يحلقون في الفضاء شاكرين أروى الصغيرة.
ترفع يديها إلى السماء, وكأنها تريد أن تطير مثلهم.. تلوح لهم أروى بيديها على أن يعودوا في الغد.
كل هذه اللوحة الجميلة, كانت أروى تحتفظ بها بموهبتها الفنية.
أروى رسامة صغيرة مبدعة, ترسم الطيور، والشجر, والطبيعة.
تعبر عن كل ماتريده بالرسم, عندها لوحات كثيرة رائعة تقف أمها إلى جانبها عندما ترسم تشير إليها أن تستعمل الألوان بدقة.
أروى تتكلم بريشتها, وتسمع هسيس قلمها على الورق, وكأنها تتكلم وتسمع..
كعادة مجموعة اليمام أتوا لزيارة أروى ليتناولوا طعامهم أمام نافذتها فأسرعت إليهم وفتحتها.. ثم خرجت لهم بفتات الخبز استقبلوها بهديلهم الجميل أكلوا وشربوا ثم حلقوا في الفضاء الرحب..
ماعدا طير ظل صامتاً يرتجف قرب النافذة استغربت وتساءلت لماذا هذا لايطير؟ لماذا لاأسمعه؟ ماذا لو تكلمت وسمع صوتي؟ لماذا هكذا يتصرف ؟ أسرعت وأحضرت أمها ثم أشارت إلى الطائر حملته وقالت:
ـ كأنه يحتضر يا إلهي ماذا أقول لأروى؟ وكيف تواجه الحدث..؟
أشارت أمها لها إنه مريض, أخذته من أمها وحملته بيديها تتلمس ريشه الناعم وهي تبكي عليه ألماً تتمنى لو تستطيع الكلام معه.. وضعته على الطاولة في غرفتها سويعات قليلة, مات الطائر الصغير..
صرخت, وبكت.. وضربت رأسها حزناً عليه..
مرضت أروى وجلست أمها إلى جانبها تفكر بحالة ابنتها الميؤوس منها.. التفتت إلى والدها وقالت له:
ما رأيك أن نسجل أروى في معهد الصم والبكم, إنها ذكية موهوبة.. المعهد مدرسة تعليمية وتثقيفية ويساعدونها على التكلم..
حتماً أروى سوف تبدع في الرسم.
ـ أنا موافق فكرة جيدة..
تم تسجيل أروى في معهد (الصم والبكم) وكان لها عالم حلو ممتع وجدت أصدقاء مثلها أحبتهم وأحبوها.
أبدعت في الرسم .. ورسمت أروى في درس الرسم لوحة جميلة جداً عبرت عما في داخلها.
طائر اليمام يقف على نافذتها ويسقط ميتاً على الأرض..
ثم أتى رفاقه حملوه وطاروا به فتعود إليه الحياة ويطير معهم..
نظرت معلمتها لتلك اللوحة, وفسرتها ثم شرحت موضوعها بعبارة جميلة :
إن مجموعة الطيور تقول:
(الحياة ستعود من جديد وسوف تستمر, ولا يأس مع الحياة)
اهتمت المعلمة بهذه اللوحة وأثنت على موهبتها ثم شكرت والدتها واهتمامها بها وقالت لها:
ـ رغم صغر سنها فهي في السابعة من عمرها إنها ذكية جداً, لاتيأسي من إعاقتها فهذا لايهم إنها رسامة مبدعة في المستقبل.
رامية الملوحي
المزيد...