الإهمال يكرر مشكلة كل عام مياه الأمطار تغرق شوارع مصياف المواطنـون : الأمطـار نقمــة.. مجلــس المدينــة :المواطنون يرمون القمامـة بالفتحـات!
تهطل علينا الأمطار، وتزخ نعمها على أرض باتت قبل سنوات قريبة من الجفاف، ومع أول قطرة مياه انقطعت الكهرباء وخطوط الهاتف والإنترنت، نعمة كنا ننتظرها تحتضن فيها السماء الأرض ، تمنّ علينا بخيراتها التي لم تكن تخطيطات المعنيين مناسبة لها .
شوارع مدينة مصياف مليئة بالمياه الآسنة والأوساخ والحواجز ومكبات النفايات، مع مشاريع يُجْهَلُ سبب توقف عملها أيام حاجتها، فمشروع الصرف الصحي الذي كانت الخدمات الفنية و بلدية مصياف قد بدأتا به و الذي كان من الممكن أن يحل مشكلة هذه المياه، توقف بسبب البنية الصخرية للأرض ، توقف بعد أن سبب عدداً من الكوارث بعد أن دخلت مياه الأمطار إلى بعض المحال والمنازل وسببت أضراراً كبيرة .
مستنقعات
شوارع تحولت إلى مستنقعات تحمل في طياتها مآسي وصوراً لحال المواطن المعتر،سقوط الأمطار ضحيته المواطن و أصحاب العمل اليومي و لا نجني من هذه النعمة سوى أنها ستكون مخزوناً مائياً جيداً قد يقينا انقطاع المياه في الصيف.
شوارع عدة في مصياف باتت أنهاراً يحتاج المواطن لوسائل مساعدة لعبورها ، فشارع الوراقة وشارع المحكمة ودوار ربعو وهي الأكثر ازدحاماً باتت أنهاراً ، لم يسلم منها أي مواطن سواء أكان يمشي في الشارع أو على الرصيف حيث يتم رشقه بالمياه من قبل السيارات والدراجات النارية.
تتحول إلى كارثة
عدد من مواطني مدينة مصياف أعربوا عن انزعاجهم من هذا الوضع الدائم لهطول الأمطار حيث قال صاحب أحد المحال التي تستقر المياه أمام محله: لا شيء يحدث كهذا، وحين تهطل الأمطار بغزارة تتحوّل إلى كارثة، ويُختصر المشهد بما تتسبب فيه الأمطار من مستنقعات وأوحال وغرق للشوارع وإغلاقها حيث تتعطل حركة المرور بسبب تعرض السيارات للأضرار، ويزداد الازدحام ، ويتكرّر انسداد المصارف المطرية و ينكشف المستور والمفضوح سواءً في افتقار بعض الشوارع لتصريف المياه أو لمشروع الصرف الصحي، أو بسبب سوء تخطيط البنى التحتية الذي أدّى لفيضان بعض شبكات الصرف الصحي.
تلف المعدات
مواطن آخر لخص معاناته بالقول: لقد عانينا كثيراً في السابق من فيضان مياه الشوارع وقد وضعت بعض الأخشاب ليعبر عليها المارة بعد أن أخذت المياه بالجريان بغزارة، وقبل أيام دخلت المياه أحد محال التصوير وهناك خسائر مادية بسبب تلف المعدات داخل المحل.
مشاريع مؤجلة
قبل بداية موسم الشتاء تطلق البلديات كلاماً إعلامياً بقيامها بتعزيل مصارف الصرف الصحي وتهيئتها لاستقبال موسم الأمطار ومنع تجمع المياه في الشوارع ، ومع هطول أول قطرة من غيث السماء تتحول شوارعنا إلى أنهار وبركٍ من المياه ، والتبرير الدائم بأن كمية مياه الأمطار الضخمة والمتجمعة قد فاقت الطاقة والقدرة الاستيعابية للمصارف وشبكات المجاري، فلم تستوعبها شبكات التصريف.
وسألنا رئيس مجلس مدينة مصياف سامي بصل عن استعداد مجلس المدينة لموسم الأمطار فقال:
قمنا بتعزيل وتأهيل شبكات التصريف وناشدنا المواطنين عدم رمي القمامة وأكياس النايلون التي تسد فتحات المصارف وتسبب هذه الفيضانات.
لم يوضع بالخدمة
وعن سؤالنا عن المياه الجارية في شارع الوراقة أجاب بأنه تم الانتهاء من مشروع الصرف الصحي لهذا الشارع لكنه لم يوضع بالخدمة ريثما ننتهي من أعمال المصب وسنقوم بإنشاء الشوايات على طول الطريق والمشكلة ستحل قريباً ، أما طريق شارع المحكمة فهناك مشكلة في شبكة الصرف، حيث أغلق في بعض الأماكن نتيجة تمدد جذور النباتات وننتظر تحسن الطقس للعمل به.
وعن سؤالنا لماذا لم يتم تنظيفها قبل موسم الأمطار أجاب: إن المشكلة ظهرت حديثاً .
لكن هذا الوضع ليس بجديد وهذه المبررات ليست خليقة اللحظة ، هذا حال شوارع مدينة مصياف وريفها منذ زمن .
تتكرر سنوياً
الكثير من الدول تغلبت على السيول، فأبدعوا في هندسة شوارعهم وطرقهم بشكل مائل، مرتفع قليلاً بالمنتصف ومنخفض على الجانبين، وأقاموا على جانبي الطرق الواسعة والمنخفضة مصارف لمياه الأمطار، فيما يرثى إلى حالنا حيث تغرق طرقاتنا وشوارعنا ومنشآتنا ومنازلنا من زخات مطر تتساقط خلال ساعات أو أيام، إما لعدم ملاءمة شبكة المجاري لصرف المياه أو لعدمها أو لسوء هندسة الشوارع والافتقار إلى التخطيط الهندسي السليم . والأسوأ منه استشراء الفساد والغش العمراني، وإهمال تحديث البنى التحتية وصيانتها.
في كل الأحوال تتعدّد الأسباب وتبقى كارثة هطول الأمطار بغزارة وتداعياتها تتكرّر سنوياً، بنفس الوتيرة وأكثر فأكثر، لاسيما مع التبدلات المناخية التي نشهدها اليوم.
الخلاصة:
أمام مخاطر الأمطار الغزيرة وما تخلّفه من معاناة صعبة للمواطنين، بلداتنا بحاجة إلى دراسة جدية وعناية دقيقة وبما يتناسب وظروفنا البيئية والمتغيرات المناخية، وأن يصبح لدينا خبرة ومعرفة متراكمة للاستفادة من تصريف مياه الأمطار. والأهم وضع اليد على النواقص ومكامن الخلل ببعض من حسّ الضمير، وشيء من المسؤولية الأخلاقية تجاه الوطن والمواطن، ومعالجته بتحسين البنى التحتية وتحديثها كي تستوعب متغيرات المناخ والتخفيف من معاناة الناس، والاهتمام بتوقعات هطول الأمطار بغزارة والعمل للحد من مخاطرها والتخفيف من أضرارها على المواطنين، وهذا يحتاج إلى عمل استباقي جاد بإعداد قوائم بمسارات مجاري مياه الأمطار، وتجمعها ومعالجة أوضاع هذه المواقع قبل حلول مواسم الأمطار، وفتح الطرق وإنشاء المصارف والتحويلات لتسهيل جريان مياه الأمطار، إضافة إلى صيانة شبكة الصرف الصحي وتحديثها.
ازدهار صقور