كنت قد تطرقت في الجزئين السابقين إلى بعض الألعاب التي كنا نلعبها منذ أكثر من ستين عاماً و الآن سأتطرق إلى ألعاب أخرى كنا نلعبها في تلك الحقبة الزمنية
9- لعبة عالدابرخش : و هذه لعبة الأطفال الصغار و ذلك عندما يجتمع عدة أطفال و يكون عادة في بيت الجد أو الجدة حيث يجلس الجميع بجانب بعضهم بعضاً و هم يشكلون حلقة و يكون لهذه الحلقة قائد و على الجميع تنفيذ أوامره حيث يقوم بإعطاء الأوامر ليرفع يده و ينزلها بسرعة عدة مرات قائلاً لفوق أو لتحت أو يفتح كفه و يقبضها أيضاً بسرعة عدة مرات و من يخطئ يصبح خارج اللعبة ثم يقول ( عالدابرخش طلع ينكش إيد مين فوق ) حيث يضع يده على الأرض ثم يتسابق الأطفال كي يضع كل واحد منهم يده فوق يد القائد و بالتالي تصبح أياديهم فوق بعضهم بعضاً و الذي تكون يده آخر يد موضوعة في الأعلى يصبح خارج اللعبة .
10- لعبة حْدَّي مدَّيْ : و هذه اللعبة مخصصة للأطفال حيث يجلس عدة أطفال بجانب بعضهم بعضاً و هم يمدون أرجلهم و أما قائد اللعبة فيجلس في المنتصف و هو يمد رجليه أيضاً و يقول: حدي مدي رحت و جيت على رجلَّيْ لقيت صبيّ عبينضخ مي قلتلو اسقيني قاللي شوي ياعسكر و يا مسكر طبقلي طبق سكر حلفتلي معلمتي لاتعلقني بالسجر ( الشجر ) و السجر مليانة فلوس شيلي إجرك يا عروس و أثناء قيام قائد اللعبة بالتفوه بهذه الكلمات يقوم بوضع يده على كل رجل من أرجل الأطفال مع كل فقرة يقولها و الرجل التي يكون نصيبها عبارة شيلي إجرك يا عروس فإن صاحبها يطوي رجله . ثم يعيد قائد اللعبة قول الحكاية السابقة إلى أن يخرج جميع الأطفال من اللعبة و بالطبع فإن الأخير الذي يبقى يكون الفائز.
11- لعبة النَبّوتْ : في السابق كان بعض الأولاد لا سيما في العطلة الصيفية يضعون بسطات صغيرة في الأزقة و الحارات حيث يضعون على هذه البسطات عدة أنواع من الحلوى والبسكويت و الراحة التي كانوا يشترونها من عند باعة الجملة ليبيعونها على بسطاتهم . ومن جملة الحلوى التي كانوا يضعونها نوع كان اسمه النبّوت وهو عبارة عن عجينة بشرة جوز الهند حيث يتم جعلها بشكل قضبان طول القضيب الواحد نحو 12 سم و بقطر حوالى السنتميتر الواحد و لونها غالباً يكون زهرياً يتم لف هذا القضيب بغلاف بلاستيكي رقيق و يتم عرضها للبيع على البسطة.
لكن بعض الأولاد يحلو لهم أن يلعبوا بهذه اللعبة حيث يأتي لاعبان ويقومان بشراء نبوت أو أكثر. يضع اللاعب نبوته على البسطة بحيث يكون ثلثي النبوت على البسطة و الثلث خارج البسطة يأتي اللاعب الأول حيث يقوم بثني سبابة يده اليمنى لتصبح مثل رقم /8/ و بعدها يأتي و يضرب بسبابته قطعة النبوت التي تطير في الهواء لتقع بعيداً عن البسطة بعد ذلك يأتي اللاعب الثاني و يقوم بنفس العمل و اللاعب الذي يكون نبوته قد سقط أبعد من الآخر يكون هو الفائز ليأخذ النبوتين معاً.
إن الصورة المنشورة مع ذاكرة اليوم تعود إلى عام 1958 وأن جميع الأولاد الموجودين في الصورة هم من مواليد 1949 فما قبل، مما يشير إلى أن لعبة النبوت قد مضى عليها أكثر من 60 عاماً. كما أن جميع الأولاد الموجودين في الصورة قد أصبحوا اليوم أجداداً، وأن قسماً منهم قد طواه الثرى.
12- لعبة الخباية : و هذه اللعبة كنا نلعبها مجموعة من الأولاد إما في المنازل أو في الأزقة حيث كنا نختار أحدنا بواسطة القرعة ليقف هذا اللاعب و وجهه نحو الحائط وهو يضع يده على عينيه و يباشر العد من 1 حتى 10 يكون خلالها باقي الأولاد قد تفرقوا و اتخذ كل منهم مخبأ يختبئ فيه و هنا يبدأ اللاعب بالتجوال و التفتيش حتى يعثر على أحد الأولاد المختبئين فالولد الذي يتم العثور عليه من قبل اللاعب فإنها تصبح (على أمه ) أي يقع عليه الدور ليحل محل اللاعب الذي ينبغي عليه التفتيش على باقي المختبئين. هذه اللعبة غالباً كان الأولاد الذكور يلعبونها في الزقاق و بين القبور حيث كنا نختبئ خلف القبور و أحيانا يكون القبر فارغاً بعض الشيء من التراب الذي فوقه بحيث يكون هناك مسافة بين نهاية الحجر و التراب و عندها كنا نستلقي فوق التراب لا سيما إذا كنا نلعب لعبة الخباية ليلا . أما الإناث فكن يلعبن هذه اللعبة في المنازل حيث كن يلجأن للتخفي إما وراء خزانة أو تحت سرير أو خلف ستارة و أذكر أن إحدى قريباتي قد اختبأت إحدى المرات داخل مدفأة حطب كبيرة و للقارئ أن يتصور أن هذه الفتاة عندما خرجت من مخبئها كيف أن الشحار الأسود و الرماد قد ملأ وجهها و ثيابها . كذلك أذكر أيضاً أن إحدى قريباتنا وفي لعبة الخباية قد اختبأت داخل خابية البرغل التي كانت فارغة إلا من بعض حبيبات البرغل و عندما نزلت إلى الخابية تفاجأت بوجود فأرة في الخابية و للقارئ أن يتصور مدى الهلع الذي أصاب الفتاة والصراخ الذي صرخته و الحركات التي قامت بها للخروج مما نجم عنها سقوط الخابية وكسرها وأن الفتاة كاد أن يغمى عليها و الطريف في الأمر أن هذه القريبة مازالت على قيد الحياة ودائما أقوم بتذكيرها بتلك الواقعة
إلى اللقاء في ذاكرة قادمة
المحامي معتز البرازي
المزيد...