تدل علوم التربية ، على أن الطفل يكتسب مهاراته الأولى من خلال المحيط الأول له ، لذا يتوجب على الأهل اختيار كل المفردات اليومية بعناية فائقة ، و عدم تبسيط كل المسائل المقبلة باتجاه ابنهم ، لأنهم يحرمونه من اختبار الذات و صقلها ، فحياتنا اليوم مليئة بالتعرجات ، و لكي نحمي أطفالنا منها ، يجب تدريبهم على تجاوزها بهدوء و دقة ، وصولاً للنتيجة الواجبة .
مختص
سعد عبد العزيز ، مشرف روضة ، يقول : تندفع الأم بغريزتها لسد كل الثغرات أمام ابنها الضعيف برأيها ، لأنها تشعر بأنها ملزمة بذلك ، لكنها لا تعي أنها تضعف قدراته لمواجهة الفشل و تحقيق النجاح ، فنادراً ما يستطع أي شخص النجاح ، إلا باختبار الفشل ، و لمس الأحوال النفسية قبله و أثناءه و بعده، وضرورة ( التكيف ) مع ردات الفعل والغضب و الحزن ، فهذه أمور من مكونات شخصية الطفل .
حالة
ناتالي سمور ، معلمة ، قالت: مع أن عملي بين الأطفال ، ويتوجب التماهي معهم ، وخلال عملي حصلت على خبرة جيدة ، إلا أنني مع أطفالي كنت أستعين بأختي الأكبر ، وكان لا بد من ترك الطفل يقع ومن ثم يقف ويقع حتى يتعلم حماية وقوفه بالنهاية، من هنا لاحظت بأن الفشل يلفت نظرنا لزوايا أخرى لا ننتبه لها أصلاً ، فعندما مثلا يفشل بالانضمام لفريق معين لأسباب مختلفة ، فإنه سينجح بتصميم أي شيء خاص به ، من خلال كيفية الوصول لحل المشكلة الأساسية .
رؤية
عادل طحان ، مهندس ، يقول: علمتني الحياة بأن الفشل أداة العبور لضفة ثانية ، و النجاح لا يعني الفوز مطلقا ، بل وجود وسيلة لتجاوز الصعاب ، و هذا لا يكون إلا بتكرار حالات الفشل ، فطفلي لم يتعلم ركوب الدراجة دفعة واحدة ، و لم يتعلم الأكل بمفرده من أول محاولة ، و كذلك ركوب دراجته الصغيرة ، لكن علينا ألا نندفع إليه عندما يقع كل مرة و فورا ، عليه أن يجد الحل بنفسه ، كي لا ينساه و يكون سلاحه في المرات القادمة .
خطوات
نعود لنتحدث مع سعد عبد العزيز ، و نسأله عن صوابية التعامل مع الطفل في حالات الفشل ، فقال : لا بد من تشجيع الطفل على أفعاله الصحيحة ، و عدم نهره عند الخطأ ، بذلك تترسخ عنده مفاهيم المحاكمة عند لزومها ، و من الواجب تشجيعه على التعبير عن عواطفه في كلتا الحالتين ، لنبعده عن حالات الكبت المسببة للانعزال و توقف البحث عن حلول نافعة ، أما المساعدة غير المباشرة تكون بأن نشير له إلى خيارات جديدة تتناسب مع سنه و نضجه ، و لا نقحمه بها مباشرة ، و هنا يجب التحكم بتوقعاتنا تجاه ما يصدر عنه ، لأننا بالأساس نحاول الأخذ بيده نحو النجاح و ليس تقديم النجاح له على طبق من ذهب ، كل هذا يكون بتوليد الثقة و المحبة تجاه ما نقول له ، و تجاه تصرفاتنا معه .
عموميات
يكمل : لذا يجب علينا التوصل لمعرفة قدراته و تقييمها ، لكي لا ندفع به إلى ما لا طاقة له بها ، بالتالي نجره لفشل آخر ، هذا يعود علينا بوجوب معرفة مستلزماته النفسية حسب مرحلة عمره ، فالطفل في السادسة من عمره ، غير في مرحلة المراهقة ، واضعين نصب أعيننا ضآلة معرفته و قدراته عامة ، من هنا وجب الإشارة له و المراقبة في آن واحد ، و توقع كل النتائج و في أي وقت ، مع ضرورة التحدث معه عن أمثلة قريبة منه و ناجحة ، لكي تكون قدوة له ، يعود فيها عقل الباطن في حالات مشابهة ممكن أن يمر بها .
المحرر
نعمل كل ما علينا تجاه الأطفال لكن بحذر و دراية ، فهو كورقة بيضاء لم يكتب عليها أي شيء بعد ، و كل التصرفات و المواقف الأولى في عمره ، تكون الخطوط الرئيسة على تلك الورقة ، و من خلال التجارب يكون الأهم هو تعليمه على التكيف مع المستجدات و التعامل معها ، لذا فتلك الخطوات وغيرها هي دروس لنا قبل الطفل ، لأننا نحن قدوته و دليله الأول.
شريف اليازجي