يُعَّد الكسندر بوشكين الذي ولد في مدينة موسكو1799م «شمس الشعر الروسي» وشاعر روسيا الأكبر وأعظم شعرائها في القرن التاسع عشر ومؤسس لغتها الشعرية الذي وصل لمرتبة لم يصل اليها حتى اليوم شاعر آخر حتى كاد العصر كله يسمى بعصر بوشكين, جعل داره تصبح مكاناً مقدساً ومزاراً لكل أبناء الوطن بعد رحيله.
هذا الانسان الشاعر يختلف اختلافاً جذرياً عن غيره في بنائه وتأملاته وأفكاره وطريقة ايمانه وتناوله لمواضيع أعماله الادبية المتعددة. وقد تأثر بالإسلام والآداب الشرقيه حضارياً وروحياً وأنك لتشعر وأنت تقرؤه أنه في كتابة أشعاره يقتبس القصص والأمثال والتعابير من القرآن الكريم.
بوشكين لم يعش أكثر من 36 عاماً، وقد ترك الكثير من الآثار الأدبية، لدرجة أن قراءه يشعرون أنه قد عمَّر كثيراً لكثرة نتاجه.
أحس الشاعر مبكراً بمعاناة الشعب الروسي البسيط، والقهر والاضطهاد اللذين يتعرض لهما. وقد عكست كتابات بوشكين الشعرية والنثرية حياة الشعب ومعاناته . وكما أسلفنا يعتبر عصر بوشكين هو العصر الذهبي للشعر الروسي، وعصر التقارب بين الأدب الروسي من جهة والآداب العربية والشرقية من جهة أخرى، والمتتبع لأعمال بوشكين يلاحظ أثر الشرق واضحاً وبجلاء ، حيث تتبوأ ثقافة الشرق في دائرة معارف بوشكين ومصادره مكانة مرموقة وهي – في غالبيتها- قريبة الصلة «بالحضارة العربية الإسلامية»، فقد اجتذب الشرق العربي اهتمام بوشكين إبان مرحلة ازدهار الحضارة العربية الإسلامية، فجال بعقله وثقافته بين أرجاء هذه الحضارة يفتش بين رموزها ويقتبس ويكتب وقد عرف عن بوشكين حبه للتجديد في شعره الذي كان يهدف من خلاله إلى إلغاء القيصرية ، والقضاء على حق استرقاق الفلاحين .
قصائد بوشكين العاطفية والغزلية وقصته الشعرية الرومانتيكية «نافورة باخشى سراى» تعكس تأثر بوشكين بقصائد الغزل العربية والفارسية وبالأسلوب الشرقي للشعر الذي ارتبط في تصور الأدباء الروس بوفرة المجازات والتشبيهات والاستعارات.
تعرَّف بوشكين على «ألف ليلة وليلة» من خلال الترجمات التي ظهرت في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر والجدير بالذكر أن مجموعة القصائد التسع التي يجمعها العنوان «قبسات من القرآن» تمثل أكبر شاهد على تأثر بوشكين بالتراث الروحي للشرق العربي الإسلامي وأما عن أثر الحضارة الإسلامية العربية في أعمال أمير شعراء روسيا ألكسندر بوشكين فهي واضحة في أعماله القصصية والشعرية’ حيث عكست علاقة الموضوع العربي في نتاج بوشكين , فقد استلهم في «روسلان ولودميلا» الأثر الأدبي العربي الكبير في ألف ليلة و ليلة بعد أن وجد به الخيال الذي يكمن في أعماق المثل الأعلى الأخلاقي المميز لرومانتيكية بوشكين وأما عن تأثره بالقرآن فنجده متأثراً بآية النور حيث يقول :
لقد أضأت الشمس في الكون
وأضأت أيضا السماء والأرض
مثل نبتة كتان تمتلىء بالزيت
تضيء في مصباح بلوري
صلّ للخالق فهو القادر
فهو يحكم الريح في يوم قائظ
ويرسل السحب الى السماء
ويهب الأرض ظل الأشجار
وفي القصائد التسع واحدة عن قصة النمرود مع إبراهيم عليه السلام وأخرى عن قصة العزيز.
الذي أحياه الله كما في سورة البقرة وقصائد مستوحاة من سور أخرى من القرآن الكريم .
والجدير بالذكر أن الأديب مالك صقور رئيس اتحاد الكتاب العرب كتب كتاباً يحمل عنوان «بوشكين والقرآن « .
محمد مخلص حمشو