القصيدة الخليلية بين المعنى والقافية

حوار هام وعميق بين الشاعر عبد القادر الحصني (من سورية ) والشاعر أشرف البولاقي (من مصر) حول إشكالية (المعنى والقافية) في القصيدة الخليلية، وقد جرى هذا الحوار على الفيسبوك ونال تعليقات على درجة من الأهمية من قبل أعلام في الثقافة ومتابعين.
بدأ الحوار بمنشور للكاتب والشاعر المصري أشرف البولاقي, وشاركه الشاعر عبد القادر الحصني, وقد مهد لمنشور البولاقي بقوله:
الصديق الذي أقدِّر أشرف البولاقي كتبتَ في منشور لك:
أنت كشاعر محِب وعاشق، تكتب قصيدة الخليل، القصيدة العمودية، قل لي ماذا تفعل في بيتِك الثاني أو الثالث، عندما ينطلق بك معنى رائعٌ وجميل، وتريد أن تُنهِيه، لكن وقوفَك عند آخِره يكون بكلمة تخالف قافيةَ قصيدتِك؟
هل يذهب المعنى إلى الجحيم؟ أم تذهب القافية إلى حيث ألقتِ؟
لا شك، أنك ستقول إنك ستظل ممسِكًا بالمعنى، حتى تستدل على قافيةٍ تناسبه
حَسنًا .. وماذا إنْ لم تجِد؟
ستلجأ إلى معجم القوافي بالطبع، وستختار منه الكلمةَ الأقرب التي توافِق المعنى الذي أنت ممسِكٌ به. وماذا إنْ لم يسعفك معجم القوافي؟
ثم عقّب الشاعر الحصني على السؤال بقوله: تُرى – من خلال اطّلاعك على قصائد الشعراء الكبار في شعرنا العربيّ – هل تستطيع أن توجّه مثل هذه الأسئلة لـ بدوي الجبل وعمر أبوريشة ومحمد مهدي الجواهري وسعيد عقل وعبدالله البردّوني ونزار قبّاني… على سبيل المثال لا الحصر طبعاً؟
وردَّ البولاقي قائلاً:
مساء المحبة والجمال، والإكبار والتقدير يا أستاذنا!
إذا كنتُ أستطيع أن أوجّهه للمتنبي وأبي تمام، فكيف لا أستطيع أن أوجهه للعباقرة الأفذاذ الذين أشرتَ إليهم؟!
والذي أطرحه لا علاقة له بالشاعر، لكن متعلق بالشعر والتجربة، متعلق باختيار النسق والشكل، فما دام المشار إليهم يتخذون النسق نفسه، والشكل ذاته، فالسؤال لهم.
وبالمناسبة يا أستاذي وصديقي الجميل، هذا السؤال لن يدرك حساسيتَه وصدقَه إلا الشاعر الخليلي الجيّد، المتمكن، البارع، مثلك ومثل هؤلاء، فأنتم جميعًا تقفون هذه الوقفة، أمام القافية … ولستُ مدعيًا ولا طاعنًا حين أقول ذلك، فلقد حاولتُ مثلكم – وما أزال أحاول – مع الفارق الكبير في التشبيه بيني وبينكم طبعًا – فأنتم أساتذتي – حين تدعوني القصيدة الخليلية، وقفت تلك الوقفة المضطربة.
لا أزعم أنها وقفة دائمة أو متكررة، لكنها تأتي في لحظة ما … ماذا أفعل كشاعر؟!
يحدث كثيرًا أنني – وأنكم – تغيرون المعنى، تضحون بالشطرة، تستبدلون شيئًا بشيء من أجل الانتصار لتلك المجلوبة.
ردّ الحصني قائلاً:
تحياتي وتقديري ومحبتي أيها الجميل.البولاقي
محبّة وتقدير لحرارة غيرتك على شعريّة الشعر يا صديقي، وهذا ما أعرفه فيك وعنك. وأرجح أن الكبار يغضّون الطرف عن البيت بأكمله ولا يلجؤون إلى قافية تبعدهم عما يريدون تمامًا. ومن الطبيعيّ أن نجد بعض الوهن عند الكبار في هذا الجانب ولكنه قليل ونادر، ولا يستدعي مراجعة نمط شعريّ بأكمله بناءً عليه.
إثارتك الأمر في وجه عدد هائل من النظامين تستحقّ التقدير. وما يعروك من نزق وانزعاج بإزائه محبّب إليّ أيّها المبدع.

المزيد...
آخر الأخبار