الشاعر والفنان محمد الزرزوري ( أبو حسن )

ولد محمد الزرزوري عام 1930 في قرية الكافات الواقعة على بعد ستة عشر كيلو متراً شرق مدينة حماة وعلى الطريق المتوجه إلى منطقة سلمية .
وكان والده حسن الزرزوري مزارعا كما هي حال معظم أهالي الكافات وقد عرف بدماثة الخلق والجدية المفرطة وقل من شاهد ابتسامته .
وكان لوالدته الفضل الكبير في ظهور موهبته الشعرية حيث إنها من أسرة تضم القلة المتنورة في تلك الأيام فقد كانت تحفظ من الشعر العامي والبدوي الكثير الكثير وكانت تفوق رواة المقاهي بطريقة سردها للقصص حتى إنها كانت تضيف إليها من خيالها الكثير .
تلقى محمد تعليمه الابتدائي في قريته وكان من الأوائل على المحافظة وعرض عليه إتمام تعليمه على حساب البعثات التبشيرية ولكن الأهل لم يوافقوا وقتها .
نبغ شاعرنا بوقت مبكر ولم يكن قد تجاوز العاشرة من عمره وكان لأخواله الفضل الكبير في صقل تلك الموهبة بتقريبهم له واجلاسهم إياه مجالس الرجال والشعراء في دار المخترة وكانوا يطلبون منه إتمام أبيات العتابا التي يعجز ضيوفهم من الشعراء وشيوخ القبائل عن إتمامها
وبعد الثامنة عشرة بدأ نجمه بالصعود بعد أن أحيا كل أفراح الكافات وما جاورها من قرى إلى آن تجاوز حماة باتجاه مصياف التي تزوج منها وأكرمته بلدية مصياف بعد إحيائه حفل استقبال الراحل جمال عبد الناصر بمنحه قطعة ارض كي يستقر فيها وقد ساهمت هذه البلدة بجبالها الشاهقة وخضرتها الدائمة وقلعتها وطيبة أهلها ومحبتهم لصهرهم الشاعر باغناء مخيلته ورهافة حسه وقد أحيا فيها أجمل الأعراس والحفلات وكانت مركز انطلاقه إلى جبال الساحل السوري ومنطقة وادي النضارة يحيى أفراحها ويقارع شعراءها .
ومن مصياف سافر إلى لبنان وهناك انضم إلى فرقة الأنوار اللبنانية أيام بدايات فيروز ووديع الصافي والرحابنة وفليمون وهبه حيث أحيا مع هذه الفرقة العديد من الحفلات داخل لبنان وفي الدول العربية المجاورة كان أشهرها في الأردن حيث كرمه ملكها وغنى مع شاعرها وقتها المرحوم عبدو موسى .
وعندما تشكلت وزارة الثقافة والإرشاد القومي في سورية انضم إليها وكان النواة الأولى لفرقة أمية للفنون الشعبية وقد أغناها بلوحاته الريفية الرائعة ونهض بتراث الريف والبادية السورية من خلالها .
انضم للإذاعة السورية ومن ثم تلفزيونها في الستينيات ثم قدم لهذه الإذاعة صوت الفلاحين في برنامجه الشهير ( الأرض الطيبة) الذي استمر يكتب تمثيلياته وأغانيه قرابة ثلاثين عاما .
وأصبح التحلق حول المذياع الساعة السادسة مساء كل يوم من طقوس فلاحي سورية
والجميع يردد شارة البرنامج وهي من تأليفه:
الأرض للي يفلحا ويعمل بها
للي حرثها بقوة زنودو
وقد شاركه وقتها زميله الشاعرصالح العبد الله ( أبونايف ) والفنان أسعد فضة والأستاذ خضر الشعار المدير اللاحق للتلفزيون السوري في أداء أدوار الشخصيات التي يكتبها من خلال تلك التمثيليات الفلاحية الهادفة لتوعية الفلاحين وعامة الناس .
قدم للتلفزيون السوري العديد من البرامج واشتهر له خيمة حماد مع المبدع دريد لحام وقال القوال مع فرقته الزجلية وكانت تضم كل من صالح العبد الله وميلاد مراد .
وكتب أغلب زجليات أفلام دريد لحام وشارك بها
حصل على إمارة الشعرالشعبي من خلال تصفيات المحافظات ممثلاً عن محافظة حماة بمسرح الحمراء بدمشق في السبعينيات من القرن الماضي .
انضم بعد ذلك لأسرة المسرح العسكري حيث قدم الكثير من الأعمال المنوعة والأغاني الشعبية والمحاورات الزجلية مع العتابا بالاشتراك مع الفنان محسن سلطان. وكان أشهرها نبع الريحان ومنها اشتهر الفنان الكوميدي عصام سليمان ( بهلول ) وكان المسرح العسكري يضم العديد من نجوم سورية ومطربيها مثل ( محمود جبر وآخرين)
ساهم بإغناء الشعر الغنائي وكرم في مهرجان الأغنية السورية كونه من الرواد وكان من الأعضاء المؤسسين لنقابة فناني سورية .
واشتهرت له أغنية ( هديلي هديلي – وجوري حما – وذاعت أبياته من العتابا وأصبحت على لسان الجميع من المطربين والعامة والكثير يجهل قائلها )
وتحتفظ مكتبة الإذاعة والتلفزيون السوري وأرشيف التوجيه المعنوي بآلاف المؤلفات والأغاني والتمثيليات التي قدمها على مدار خمسين عاما .
كرمه الرئيس الراحل حافظ الأسد لدوره الهام في إدارة التوجيه المعنوي ورفع شأن الأغنية الشعبية .
وقد تميز أبوحسن الزرزروي بصوت عذب وحنجرة شجية ، أتقن العزف على الربابة ورافقته طوال حياته .
ألف وغنى القصيدة الزجلية والقرادي والمخمس والمخمس مردود، وأجاد العتابا والميجانا قولاً وغناء والشروقي من تراثنا الخالد، واشتهر بسرعة البديهة والقدرة العجيبة على الارتجال حتى قيل أنه يكاد لا يتكلم إلا شعراً.
منحه الله بالإضافة لحسن الصورة حسن القبول والتأثير السحري على الحضور ومن لم يقابله لا يستطيع تقدير ذلك
ألم به المرض في نهاية التسعينيات مما جعله يتوقف عن كافة أعماله الفنية ولم يمكّنه المرض حتى من جمع تراثه الشعري والأدبي .
توفاه الله مساء التاسع من الشهر الثاني لسنة 2005 ودفن بمسقط رأسه الكافات بناء على طلبه ورغبته .
إعداد : محمد عزوز

من كتابي ( راحلون في الذاكرة ) الألف الأولى – برسم الطبع
تمت الاستعانة بأحد أولاد الراحل لجمع المعلومة

المزيد...
آخر الأخبار