( أراد الشاعر نزار عدرة المولود في سلمية في 14 شباط 1951 أن يلتحق بخدمة العلم قبل أن ينهي دراسته الجامعية في كلية الآداب بجامعة دمشق قسم اللغة الفرنسية، ولم تصبه شظايا الحرب عام 1973، فرحل وهو في الطريق إلى أهله بعد أشهر من هدوء نارها في حادث مروري بتاريخ 14 شباط 1974 وتاريخ وفاته مطابق لتاريخ ميلاده .
تحدث عنه أترابه بكثير من الاحترام، وقد عاش في كنف والده المربي والشاعر اسماعيل عدرة. وتحدثوا عن تجربته الشعرية التي لم تكتمل بكثير من الإعجاب، واعتبروها نبوغاً مبكراً لم يتح له المجال للتألق.
وبعد وفاته بسنوات وبالتحديد في عام 2000 بادر شقيقه الأصغر هشام بطباعة القصائد التي تمكن من جمعها في مجموعة أسماها (من هوامش السفر) حوت عشرين قصيدة من شعر التفعيلة، الذي كان يفضل الكتابة به على ما يبدو.
و(من هوامش السفر) قصيدة من قصائد المجموعة، اعتبرها الشاعر ممدوح السكاف في مقال له بجريدة الثورة في عام رحيل الشاعر 1974 مرثاة كتبها نزار بنفسه، وأكد أن شعره كان مشحوناً بالأحزان والغربة والقلق:
أنا البدوي الذي جاء من واحة الموت
يحمل حزن الصحارى
ويحمل في جانحيه بيوت العتابا
أنا البدوي الذي مر في كل أرض
وغنى لكل سحابة حزن
وأطرب حتى الحجر
لعينيك في كل يوم
سأكتب فوق غطائي وفوق التوابيت
أحلى قصيدة
حاملاً فوق جبيني راية التاريخ من يوم الهزيمة
صارخ عند ارتخاء المد صوتي
لقد كتب الشاعر قصائده هذه ما بين عامي 1969 ـ 1972، عندما كانت هموم النكسة ترخي بظلالها على أرض العرب، وكان العقم حالة تفرض نفسها على عقولهم. ولذلك كان من الطبيعي أن تدور قصائده في فلك اليأس والهم والموت، وأن تصبح حتى همسات الحب عنده مجللة بالبكاء، وأن يعلن عن الأمل بحب دافئ ودروب مورقة. وقد صح توقع جيل الأدباء الذي عاصر الشاعر نزار عدرة، ففي قصائده حس شعري نام ينبئ بحالة شعرية متطورة في طريقها إلى النهوض، وفيها أيضاً نضج واضح ومفردات وإيقاع رزين يلخص حالة الوجع في زمن العهر ) .*
*( جزء من الفصل الخاص بالشاعر من كتابي « شعراء سلمية « الجزء الأول الصادر عام 2010 )
إعداد : محمد عزوز
– من كتابي ( راحلون في الذاكرة ) الألف الأولى – برسم الطبع