قرية جبلية صخرية، تعانق السماء، وتطل على سهل الغاب، تقع شمال غرب «مصياف»، ويصل ارتفاع أعلى قمة فيها إلى 1200م في موقع «الشيخ حسن»، وارتفاع أقل بيت من بيوتها 950م.
و عن ثلوج الحيلونة : كانت الطرقات تنقطع لفترات طويلة، ما يضطر الأهالي لإيجاد حلول من البيئة المحيطة، فكانوا يستخدمون الثلوج كمدارج حتى يصعدوا إلى السطح، إذ كانت الثلوج تغطي أبواب البيوت، وحتى في الصيف يبقى الجو بارداً، فتبقى الثياب الشتوية قيد الاستخدام طوال العام، وهذا ما يميز مناخها عن باقي القرى فهي باردةٌ شتاءً، لكنها ممتعة صيفاً.
وقد اعتمد السكان هنا على طرائق مبتكرة لمواجهة ظروف الحياة، فحفروا مخازن أرضية لتجميع مياه الأمطار واستخدامها حين الحاجة للشرب والتنظيف، وحين تنضب صيفاً كانوا يقطعون مسافات طويلة عبر الجبال الوعرة للحصول على مياه الينابيع، مستخدمين «الراويات»؛ وهي أوعية مصنوعة من الجلد، يتم تحميلها على ظهر الدواب.
أما العائلات فهي معروفة بتكاتفها الاجتماعي ومحبتها لبعضها بعضاً، فقد كان الناس سابقاً يتبادلون المحاصيل فيما بينهم ويتشاركون الأحزان والأفراح، وترافقهم القصبة للعزف في أعراسهم على صوت أحد المطربين القرويين، وهم يعيشون ضمن مجتمع ثقافي اجتماعي يتوجه خاصة نحو العلم، ما خلق حالة من الوعي؛ كللها عدد المتفوقين وخريجي الجامعات، وتعد عائلات «حسن ، عتبا، هولا، صقور، خلوف وسليمان» من أولى العائلات المؤسسة للقرية، ولدى أهل المنطقة هنا ميزة أظنها فريدة؛ فهم متعلقون بقريتهم إلى حد كبير؛ لا يتركونها إلا لطلب العلم أو العمل المؤقت، فمن يسكن في «الحيلونة» ويتنفس هواءها يحب مناخها، ولا يستطيع العيش بعيداً عنها .
وعن مصدر تسمية «الحيلونة»: تشير الأبحاث أنها كلمة سريانية تعني القوة والبأس، وقد اقترنت بهذه البقعة الجغرافية نظراً لطبيعتها القاسية وصعوبة العيش فيها، وما يميز القرية عن غيرها من القرى هو تكاتف أهلها، فجميع الطرقات التي شقت فيها كانت بمساعدة الأهالي، أي بالعمل الشعبي، الذين تحملوا جميع النفقات المترتبة على شق الطريق الذي يصل «الحيلونة» بقرية «اللقبة»، فتنازلوا مجاناً عن قسم من أراضيهم، وقد سهل هذا الطريق الوصول إلى الأراضي الزراعية، فهو يمتد عبر سلاسل جبلية خضراء ساحرة، وعند ارتياده نشاهد اللوحة الفريدة التي ترسمها الطبيعة من أشجار بلوط وسنديان بألوان مختلفة وتضاريس جبلية متناغمة من جبال ووديان، فللقرية موقع استراتيجي وسياحي مهم، وهي تمتلك شبكة طرق ومواصلات مهمة، فطريق يصلها بكل من «مصياف، الزينة، حيالين»، وطريق ثان يصل إلى «اللقبة» و»الغاب»، وآخر إلى قرية «حداده» غرباً، وطريق ترابي -حتى الآن- باتجاه الساحل شمالي القرية وعن القرى المحيطة بها
هي آخر قرية في محافظة «حماة» من الجهة الغربية، تحدها من الشرق قريتا «ديرماما» و»اللقبة»، ومن الغرب قرى «الطواحين، الحاطرية، حدادة»، ومن الشمال «طير جبة»، ومن الجنوب «حيالين»، ويبلغ عدد سكانها 3900 نسمة، معظمهم يعملون في الزراعة.
وقد اشتهرت القرية بزراعة الثوم على مستوى «سورية»، وحديثاً زراعة الكرز التي دخلت مؤخراً إلى القرية ونجحت نجاحاً مبهراً لملاءمة المناخ لزراعة الكرز، وتتم زراعة الإجاص و»المراب» وهو نوع من الإجاص. كما تحتل تربية المواشي حيزاً مهماً في عمل الأهالي، فتربية الماعز منحت القرية شهرةً على مستوى المنطقة بإنتاج «الشنكليش» والزبدة.
كما يعمل بعض الأهالي في المهن اليدوية كصناعة الأطباق من القش الطبيعي والصناعي، وتدوير الحصر المستهلكة وتحويلها لأطباق وسلات.
ويوجد في أعلى منطقة في «الحيلونة» «رامة» قديمة، وهي مكان لتجميع مياه الأمطار؛ محاطة بأراض وأشجار رسم الزمن تضاريسها، كما تجاورها غابة تصدر منها أصوات الكثير من الحيوانات البرية، وتبعد عن القرية 3كم، ولا تجف صيفاً وتشرب منها جميع الحيوانات .
إلا أن القرية لا تزال بحاجة للاهتمام، فهي قرية سياحية زراعية أثرية، ففيها موقع «حبيان» الذي يحوي عين ماء، ويوجد ضمنه العديد من المقابر المنحوتة ضمن الصخر، التي تحولت بفعل الإهمال مستوعبات ملأى بالمياه التي تأتي إليها من الفوالق والسراديب، كما تتواجد مواقع أثرية أخرى؛ منها: «رغيل، بداما، جلالين، وحيلون»، وهي مبنية من الحجر وبقطوع كبيرة تدل على أن الإنسان عاش فيها منذ آلاف السنين، وتنتشر آثارها اليوم في الشوارع، إذ يصطحبها الفلاحون معهم حين يجدونها أثناء حراثة أراضيهم وحفرها».
يذكر أن، «الحيلونة» تبعد عن «مصياف» 12كم، وعن «حماة» 57كم.
جنين ديوب