لم يعد الأمر مقتصراً على فترة الدوام المدرسي حتى يقوم الأهل بتسجيل أولادهم في معاهد أو عند مدرسين لتلقي دروساً خصوصية في مختلف المواد، هل هي حاجة حقيقية أم بريستيج اجتماعي؟ وإنما صيفاً شتاءً نراهم يتسابقون لحجز مقاعد في هذا المعهد أو ذاك، أو عند هذا المدرس أو ذاك ولم يعد الأمر مقتصراً على الشهادة الثانوية أو الإعدادية وإنما في كل المراحل بدءاً من الصف الأول أصبحت الدروس الخصوصية جزءاً أساسياً في حياة الطالب ولم تعد تقتصر على المواد الصعبة وإنما أيضاً باتت تشمل جميع المواد وليس فقط لتعزيز المعلومات وإنما لتسميع الدروس أيضاً، ومع اقتراب موعد الامتحانات ينتعش هذا السوق وترتفع الأسعار وتتفاوت حسب خبرة المدرس وقدمه وحسب حدة الطلب وعدد الطلاب في المجموعة، ورغم كل التعليمات بشأن هذه الظاهرة التي أنهكت الأهالي إلا أنها أصبحت أمراً واقعاً
شر لابد منه
اما الأهالي فمنهم من يراها ضرورية وعلى حد قولهم إنها شر لابد منه في ظل المناهج الصعبة فالمدرسة لم تعد كافية حيث الأعداد الكبيرة في الشعبة الواحدة إضافة إلى عدم الجدية في إعطاء الدرس لأن الطالب يتلقى دروسا خاصة فلم يعد يهتم بالدوام المدرسي ولا بالحصة والمدرسين معظمهم يعطون طلابهم في البيت أو في معاهد فالمدرسة فقط من أجل عدم تسجيل الطلاب غياباً وبالتالي حرمانهم من التقدم للامتحانات.
هل هي ضرورية حقاً؟
أما ثراء ولديها ابنها في الثانوية العامة فقالت: ضرورية ولابد منها فمستقبل أولادنا بالدرجة الأولى ويجب أن نقدم لهم كل ما بوسعنا حتى يتمكنوا من تحصيل أفضل الدرجات بما يؤهلهم التسجيل في فرع جامعي مناسب.
أيضاً فريال تقول: ابني في الصف الثاني عشر العلمي وهو يتلقى دروساً في مادة الرياضيات لأن مدرسه أكد بأن المادة عبارة عن سلسلة ويجب تلقي الدروس بشكل متواصل حتى يتمكن من فهم الرياضيات جيداً في الثانوية العامة.
أما القسم الآخر فقد شكا من ارتفاع أجور الدروس وتحديداً للمواد العلمية، ويزداد الطين بلة في الامتحانات حيث تتضاعف الأرقام ما يشكل عبئا على الأسرة وخاصة في ظل الظروف المعيشية القاسية التي يعاني منها الجميع.
تقول هالة: نعيش بين نارين نار الأجور المرتفعة للدروس ونار حاجة أولادنا للدروس في ظل تدني مستوى التعليم في مدارسهم فأنا مثلاً وأظن أن حال أسر كثيرة تعاني نفس معاناتي أولادي الثلاثة بحاجة إلى دروس ولكن لضيق الأحوال المادية اكتفيت بتسجيل ابنتي وهي في الشهادة الثانوية.
أما نجوى فقالت تزيد الدروس من ثقة الطالب بنفسه وتساعده على ترسيخ المعلومات كما تعطي للطالب تمارين ومسائل لحلها وهذا مالايجده في المدرسة .
أما حسام فقد وجه اتهاماً مباشراً لبعض المدرسين الذين هم من يجبرون الطالب على أخذ الدروس من خلال تصريحه المباشر لهم وإعطاءهم أرقام هواتفهم وتمييز الطالب الذي يأخذ عندهم عن ذاك الذي لايأخذ ويظهر ذلك في المذكرات وأضاف لقد أصبح التعليم وللأسف تجارة رابحة بيد مجموعة من المدرسين.
ألقوا اللوم على الأهالي
في حين أن عدداً من المدرسين ألقوا اللوم على الأهالي فهم وعلى حد قولهم السبب في تشجيع الدروس وذلك عندما يرسلون أولادهم في المرحلة الابتدائية إلى مدرس خصوصي وذلك إما لضيق الوقت والانشغال عنهم لساعات طويلة وبالتالي هم غير قادرين على متابعتهم دراسياً أو هؤلاء الذين أصبحت لديهم الدروس جزءاً من البريستيج الاجتماعي والموضة فهي عدوى انتقلت بينهم وفي كثير من الأحيان هم من يلزمون أولادهم بالدروس وهذا من خلال حالات لاحظناها.
فهنا أسرة استقدمت مدرسة لتدريس أولادها في البيت (تسميع دروس وحل وظائف) وأخرى ترسل أطفالها إلى معلمتهم في المدرسة وكثيراً من هذه الحالات. وتابعوا قولهم: الطلاب مستويات وهناك قسم منهم بحاجة فعلية إلى دروس إضافية أو تعزيز معلوماتهم وخاصة في فترة الامتحانات. في حين يوجد قسم آخر ليسوا بحاجة أبداً.
رأي اختصاصي
الأستاذ نادر مهنا علم اجتماع يقول: الدروس الخصوصية سلاح ذو حدين فهي من ناحية ضرورية لبعض الطلاب الذين يعانون من ضعف التحصيل وضعف التركيز وبحاجة إلى متابعة أي إن ما يقدم لهم في المدرسة غير كاف في ظل المناهج التعليمية القاسية ومن جهة ثانية أجور الدروس اصبحت مرتفعة حيث شكلت عبئاً أثقل كاهل الأسر في ظل الظروف المعيشية القاسية كما أنها تجعل الطالب اتكالياً وتهدر الكثير من وقت الطالب.
وهنا نقول لابد للأهل من إخضاع الطلاب الذين هم بحاجة حقيقية للدروس فقط ولايكون الأمر فقط نوعاً من التقليد أو الموضة أي التمييز بين من هو بحاجة وآخر لايحتاج .
وأضاف في الامتحان قد تبرز الحاجة الفعلية للدروس ولاسيما في حال الوقت الضيق أو وجود أسئلة متعددة وتمارين ومسائل لم يتسنّ للمعلم حلها ولكن اللوم بنسبة كبيرة على الأهل غالبيتهم هو من شجع هذه الظاهرة فهل يعقل أن طالب في الصف الثاني الابتدائي يحمل كتابه ويتوجه إلى المدرس الخصوصي.
نسرين سليمان