يلتصق مثلنا اليوم ، بمن تمتع بذكاء حاد ، و فراسة لا خطأ فيها ، و ملاحظة دقيقة شديدة ، بالطبع هي صفات ممكن أن يتمناها البعض ، لكن لا تليق للجميع ، أما إياس فهو إياس بن قرة المزني ، كان قاضياً شديد الذكاء تولى قضاء البصرة في عهد عمر بن عبد العزيز، ومن المواقف التي تسجل له ، و تدل على شدة فراسته ، عندما دخلن عليه أربع نسوة ، فلما قمن على إياس قال أما أن إحداكن حامل ، و ثانية ثيب ، وثالثة بكر ، والأخرى مرضع ، و عندما تحققت الرعية ، كان ما قال، فسألوه : كيف عرَفت؟ ، قال: أما الحامل فكانت تكلمني وترفع ثوبها عن بطنها، فعلمت أنها حامل، وأما المرضع فكانت تكلمني وتحك ثديها، فعلمت أنها مرضع، وأما الثيب فكانت تكلمني وعيناها في عيني، فعلمت أنها ثيب، وأما البكر فكانت تكلمني وعيناها إلى الأرض لا ترفع طرفها، فعلمت أنها بكر ، و موقف آخر عندما سمع نباح كلب ، فقال : هذا نباح كلب مربوط على شفير بئر، أيضاً أصاب ، فقيل له: كيف عرَفت ذلك؟ ، فقال: سمعت عند نباحه دوياًّ من مكان واحد، ثم سمعت بعده صدى يجيبه فعلمت أنه عند بئر ، بالإضافة لقضايا عدة كانت إصابته بها مباشرة و لا ريب فيها ، فكانت شدة ذكائه ، و رجاحة عقله ، سبيلا ليكون مضرباً للمثل حتى اللحظة ، لكن حالياً نفتقد إياس و من شابهه .
شريف اليازجي