يتبادر لأذهان معظم الشباب الحالي ، معان كثيرة عند سماعهم كلمة تنور ، ومن الممكن ألا يعرفوها أصلاً، بسبب زحف العصرنة السيء الذي اجتاح قلوبنا ، ليبقى التنور من أجمل حيثيات الحياة العامة في الماضي ، الاجتماعية ، والصحية ، والاقتصادية ، فهو المخبز الصغير الخاص بكل بيت ، الذي يفرد له يوم خاص ، لإنتاج أرغفة الخبز الخاصة بالعائلة والكافية لها حتى موعد إيقاد التنور مرة أخرى ، بوضع الحطب داخله وإشعال النار ، و التنور كان يصنع يدوياً من قبل النساء الخبيرات بالأعمال المنزلية آنذاك ، حيث يجلبن التراب و يخلطنه بالتبن والحجارة الزرقاء المكسرة ، ثم المزج بالماء لتتشكل عجينة طينية متماسكة، فتقوم سيدة البيت ببناء حلقات واسعة والارتفاع بها ، مع تقليل اتساع الحلقات المتتالية، حتى ينتج عنها شكلاً يشبه المخروط، ليبلغ ارتفاعه حوالى متر و نصف تقريبا، ذو فتحة من الأعلى ليدخل منها عجين القمح ، و يخرج منها خبزاً مقمراً، و كان التنور يوضع دائماً بزاوية بعيدة في المنزل ، وتضاف على يساره مساحة متوسطة الاتساع تسمى المصطبة، تستعملها السيدة لرق العجين ومن ثم توسيعه ببرمه على اليدين ووضعه على (الكارة) وإدخاله التنور، والكارة عبارة عن دائرة سميكة من القماش خاصة بالخبز، المنتج من قمح الأرض المروية بالمياه الجوفية النقية، فكلها مفردات طبيعية تدعم الصحة وتقويها، بالإضافة للحالة الاجتماعية التي كانت ترافق يوم الخبز ، حيث تتساعد النسوة الجيران ، ويقتسمن الخبز ، ويطهين بعض الأطعمة على ما تبقى من الجمرات داخل التنور ، و لا ننكر أن أجمل وألذ الروائح التي عرفها الإنسان، هي رائحة الخبز الطازج، لكن مع الأيام اندثر التنور وبات من التحف الماضية، و غاب عنا الخبز الصحي، وأصبح التنور علامة الجودة، فبعض المطاعم أعادت طهي الأطعمة على التنور ، وهي تسوق لذلك، لأن الكل يعرف ويقر بجودة و لذة طعام التنور .