ولد الدكتور محمد مسعف الشيخ خالد عام /1941/ في حي “الدباغة” في “حماه”. في بيئة مثقلة بالتراث، كان يوجد بجانب البيت الذي ولد فيه مضافة للعائلة، وما تزال إلى الآن عمرها حوالي /100/ عام . لم يكن في ذلك الوقت أي وسائل مواصلات تسمح لأهل الريف بالعودة إلى قراهم، فكانت المضافة مطعماً وفندقاً وداراً للاستقبال، وكان يسعد بلقاء العلماء المجتمعين في المضافة، خاصة في الفترة بين العصر والمغرب من كل يوم . أحب الأدب والشعر مبكراً. وكان يوجد في مدينة “حماه” في ذلك الوقت جهابذة علوم النحو والصرف ومنهم الأستاذ “عبد القادر علواني” النحوي المعروف وكان في حينها يلقن أئمة المساجد دروساً في علم النحو، وكان الفتى “مسعف” لا يدخر جهداً في حضور تلك الملتقيات . حاز على الشهادة الثانوية وحصل على علامات جيدة تؤهله للدخول في أي فرع، فاختار الهندسة، ولكنه عاد في العام اللاحق لتغيير الجامعة واختار كلية الطب نزولاً عند رغبة والده الذي أراده أن يكون طبيباً، ويقول الدكتور “مسعف”: (كنت أرغب بدراسة اللغة العربية، لكني نزلت عند رغبة والدي الذي نصحني، فكانت نصيحته إنجازاً غير مجرى حياتي فكتبت في ذلك الوقت بيتاً من الشعر لا أزال أذكره حتى الآن : شاءت الليالي بأن أكون طبيبا ولو فتحتم فؤادي ستبصرون أديبا ) كان له أخ اسمه “ممدوح ” وكان لديه مكتبة تحوي جميع أنواع المعارف والثقافات، وقبل أن يفتتح المركز الثقافي العربي في “حماه” عام /1958/ كان يتداول الكتب التي كانت متوافرة عند أخيه وأصدقائه ومعارفه. تخرج من كلية الطب عام /1967/ وغادر إلى “فرنسا” لدراسة أمراض جهاز الهضم والتنظير الباطني في جامعة “ستراسبورغ” وعمل في إحدى المستشفيات في مقاطعة “الإلزاس” شرق فرنسا . بقي في فرنسا في الفترة /1967-1978/ ليعود بعد ذلك إلى “سورية” من جديد وليمارس مهنة الطب في مدينته “حماه”. همه العلمي استمر بمشاركاته النشطة والفعالة في الجمعية السورية لأمراض الهضم، والتي شارك في جميع أنشطتها على مدى /24/ عاماً سواء كانت داخل سورية أم خارجها في الأردن ومصر ولبنان والعراق . أما عن همه الأدبي فلم يفارقه، يقول: (عند عودتي من “فرنسا” طلب مني “وليد قنباز” رحمه الله أن أصبح عضواً في جمعية “دار العلم والتربية” في عام /1984/، وبالفعل تم ذلك، وفي التسعينيات انتخبت رئيساً لمجلس الأمناء لدورتين متتاليتين وجمعية “دار العلم والتربية” هي أقدم جمعية في مدينة “حماه” أسسها الملك “فيصل”، كانت هذه الجمعية تجمع الوطنيين وتمارس نشاطات أدبية وعلمية مختلفة ) . وفي عام /2002/ عندما تأسست جمعية “العاديات” في مدينة “حماه” سارع الدكتور إلى الانتساب إليها، وبعد سنتين ترشح إلى انتخاباتها وفاز بعضوية مجلس الإدارة وتم انتخابه رئيساً لمجلس الإدارة فيما بعد . عمل د. مسعف جاهداً على استقطاب الناس إلى جمعية “العاديات” التي حولها إلى شعلة من النشاط ، وقد كان لها نشاط سياحي واجتماعي متميز حيث عملت على تنظيم رحلات سياحية شملت أغلب معالم القطر السياحية، كما كان له الجهد في افتتاح مهرجان “العاديات” الأول مترافقة مع استلامه لدفة الإدارة، واستمر المهرجان في دورتيه الثانية والثالثة 2008 وعن كيفية التوفيق بين مهنته كطبيب وكإداري ومثقف قال: «سرقني الشعور، لا أدري كيف؟، وأترنم بيني وبين نفسي بالأبيات التالية والتي قدمت بها إحدى الأمسيات : ما كنت يوماً شاعراً / لكننـــــــــــــــي للشعر ذواقة تهتز أعطافي لمسمعه / كفراشة فــــي الريح خفاقة تغتالني الكلمات تحملني / لعوالم عزت على الطاقة توفي د. مسعف الشيخ خالد يوم الخميس (٢١)آذار 2019 إعداد : محمد عزوز من كتابي ( راحلون في الذاكرة ) الألف الأولى – برسم الطبع