عمر حمشو مهندس الكترون خليق أن يقرن اسمه بالمخترع النابغة , فتراه في عمله متجهاً بروحه أولاً قبل عقله ينشد الكمال في الاكتشاف والإنتاج , يؤمن أن في البحث عن الحقيقة متعة تفوق متعة الاهتداء اليها صدفة , فالمجهود المتواصل عنده أمتع من نجاح أتى بلا عناء ومشقة , وهو في عمله لا يكلّ ولا يملّ.. يدفعه في عمله عزم وإرادة ومثابرة على منهج انك تحسب كأنه قد رسمه لنفسه وتراه لا يحيد عنه , وخلف كل هذا يحمل فضائل نفسية وخلقية وايمان راسخ بالله يضاعف من قوة ارادته في المضي بعمله . حب الاكتشاف والمعرفة والاستحداث والتجديد عنده عادة متأصلة فيه, وجزء من طبيعته… تدفعه ليواصل جهده في ابداع الاكتشاف ينشد من وراءها نفع البشرية والإنسانية . واذا كان كل فنان او مبدع او مكتشف لا يستغني عن قوة روحيه يستمد منها وحيه ’ ويهتدي بهديها في تفكيره , يستضيء بنورها اثناء عملية الاكتشاف والخلق والابداع , فكان العلم والمطالعة وسعة الاطلاع ومعها قبلا الايمان بالله والتواصل معه بصلاة او دعاء او خلوات مناجاة هي الحافز المعنوي عند المخترع حمشو فبواسطته يستجلي الغوامض ويجاهد للوصول الى تمثيل الظواهر وما يكتنفها من غوامض واسرار… يستمد عناصره من اعتداده بنفسه وشخصيته وثقته في عبقرتيه , وايمانه الديني المتحدر من طهر نفسه وسمو روحه المندمجة في الذات الإلهية اندماجا شبه صوفي ’ ينعكس تأثير ذلك في جميع اعماله :بما يتجلى في حياته وشخصه ونظرته الفلسفية الى الحياة … كنت أتابع أعماله ومشاريعه المنجزة سابقا أو تلك التي يحاول إنجازها مستقبلا ..مئات الأطنان من الحديد والفولاذ , وآلاف لوحات الكترونيه ..كنت مأخوذا بتفاصيل حياته وهو يسرد لي بل وحتى مختبره السابق في شارع صلاح الدين من حماه وشواهد قضبان فولاذية تبرز للناظر فوق سطح بناء شاهق , ومن خلال مشاهدة لفيديو اوفي تصوير لمختبره من مقابلة تلفزيونية وكم دهشت لتلك المخططات الالكترونية المنشرة على اسقف وجدران بل وارضيات كل غرفة من مختبره علاوة على كثرة الأجهزة والمعدات الإلكترونية …واكثر ما شد نظري واسترعى انتباهي سريره في مختبره فقد توضع في مكان ضيق جدا يكاد يحشر نفسه فيه مغلقا عليه بابه معتكفا في مناجاة مع الله مفكرا في حل معضلة يهتدي اليها كما أخبرني . كنت أتساءل في سري ما لذي يدفعه ليحشر نفسه في حجرة موصده مظلمه؟ أتراه يحقق بذلك اتصالا صوفيا بينه وبين القوة الإلهية يأمل منه أن تلهب ذهنه , وتوسع آفاق خياله و لتنير بصره وبصيرته وتهديه الى اختراع جديد واكتشاف او حل معضلة ما ؟ وبالعودة الى مفهوم نظرية تقول : ان الفنان او العبقري يحتاج الى حافز معنوي يستضيء به في عملية الخلق والإنتاج فقد قرأت ان “المثّال “مايكل أنجلو” كان لا يستطيع الاقدام على عمل فني جديد الا بعد أن يخلو الى نفسه في غرفه محكمة مغلقه منقطعا عن الناس ’ ثم يجثو على الأرض , مستغرقا وقتا طويلا في تأملات وصلوات ليحقق تواصلا صوفيا مع القوة الإلهية حتى يهتدي لخلق عمل فني رائع الجمال , ومثله كان الفنان “رافائيل: فقد كان لا يصلي فقط , بل يصوم أيضا ويظل يتعبد الأيام الطوال وهو يتأمل ويفكر .. ومن غرائب ما سجله عنه معاصروه أن وحي الفن كان يهبط عليه هبوطاً عاصفاً مفاجئاً في اللحظات التي كان الصوم فيها يرهقه وينشب مخالب الجوع في أحشائه .. سيرة هؤلاء العظام محيرة للألباب والعقول وفيها من الغرابة ما يسترعي الانتباه ومن ينعم النظر فيها يتساءل المرء هل الطبيعة اودعت فيهم بذور العبقرية ام ان حب الله هو الذي دفعهم الى التطهر والسمو فمنحهم الشعور النبيل الخصب الذي افاض بالثراء به على الغير واغدق على البشرية فيما جادت به منازع القلب والوجدان وقدم للبشرية بما ينفع جوهر الحياة وبالعودة الى سرير مخترعنا العبقري م .عمر حمشو فإني آمنت واقتنعت ان الفنان والمخترع محكوم بغريزته وتصوره والهامه وبمختلف الأخيلة والعواطف التي تجيش بها نفسه يفجرها عقله المتوقد وبصيرته المشرقة كل ذلك مجتمعا ربما تقوده الى ان يبدع في عمله ويرتفع عمله وانتاجه الى روعة التأثير والكمال… أرى ان الفنان والعبقري العظيم هو الذي يسيطر بعقله على عواطفه ومولدات خياله كما تسيطر القوة الأبدية على عناصر الطبيعة ولذلك شبهوا الفنان والمخترع بتلك القوة وسموه خالقاً , وكما يقول “نيتشه” يعتبر الفنان العبقري المخلوق الذي يرتفع بنفسه والحياة ’ ويمثل في اتقاد بصيرته وعقله ’ وتوتر اعصابه وارادته ’ وقوة تغلبه وسيطرته ’ فضائل الانسان الأعلى أتم وأبلغ تمثيل . أتمنى أن أكون قد وفقت و توصلت لتفسير وجود السرير الفولاذي لمخترعنا عمر حمشو في مختبره محمد مخلص حمشو