أرقى مراتب الفكر .. فالشاعر يبتدع الكتابة بإيقاع حقيقة التجربة ..
فالشاعر مع النص الذي ابتدعه لأن الشعر همة الإنسان للآخرين بحرية و الشاعر مصدر الالهام و ألفاظه الرعشة الشعرية ..
لنا وقفة إبداعية رائعة مع شاعرنا ( عمر أبو ريشة ) .
هو واحد من كبار الشعراء و أدباء العصر الحديث .. له مكانة مرموقة في ديوان الشعر العربي . هو الإنسان و الشاعر و الأديب الدبلوماسي الذي حمل في عقله و قلبه الحب و العاطفة للوطن و للإنسان و للتاريخ السوري العربي لقد عبر عن أعماله و شعره بأرقى الكلمات و المعاني .
من مختارات شعره أنتقي بعض القصائد و أتحدث عنها بإيجاز .
البداية مع قصيدة وطنية ..
” يا عروس المجد .. ”
يا عروس المجد تيهي و اسحبي …. في مغانينا ذيول الشهب
لن تري حفنة رمل فوقها …. لم تعطر بدم حر أبي
درج البغي عليها حقبة …. و هوى دون بلوغ الأرب
إلى قوله :
كم لنا من ميسلون نفضت …. عن جناحيها غبار التعب
ـ قصيدة الشاعر هذه .. لغة عشق ، و ثورة وطن لغة ماء .. و نار قصيدة مؤلفة من ( 61 ) بيتاً من الشعر فهي تعد ملحمة وطنية رائعة في الصور و المعاني لقد هزت الشاعر مواكب الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم الطاهرة في سبيل الوطن . و هذه القصيدة ألقاها في ( أربعين الشهيد عدنان المالكي ) في عام 30 / 6 / 1955م
الشاعر ( عمر أبو ريشة ) قامة مديدة عانقت قمة المجد و فكر نير و شاعرية وقادة وطنية صافية و كبرياء عربي سامي .
تلك بعض من مواصفات شاعرنا ..
وهذه قصيدة الشاعر الوطنية رائعة في أسلوبها و صياغتها كتب الشاعر : أمتي هل لك بين الأمم..!!
أمتي هل لك بين الأمم …. منبر للسيف أو للقلم
أتلقاك و طرفي .. مطرد …. خجلاً من أمسك المنصرم
و يكاد الدمع يهمي عابثاً …. ببقايا .. كبرياء .. الألم
ربَ وا معتصماه انطلقت …. ملء أفواه البنات اليتم
لامست أسماعهم . . لكنها …. لم تلامس نخوة المعتصم
استرسل الشاعر ( عمر أبو ريشة ) باستشراف تاريخ أمتنا فيرى نفسه جزءا منها و قد استهوته شخصية الخليفة العباسي الذي لبى نداء تلك المرأة العربية التي استنجدت به عن بعد و صاحت .. وا معتصماه . فكان موقفه موقف الشهامة و الكرامة ، لقد لامست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم فعلاً .
الغزل عند الشاعر ( عمر أبو ريشة ) .
لقد كان في شعره الغزلي صدى جميلا و شيقا . فلنقرأ أبياتاً من قصيدته الطائرة .. إذ كان الشاعر في رحلة إلى جانبه حسناء أندلسية تحدثه عن أمجاد أجدادها القدامى العرب دون أن تعرف جنسية من تحدث ، القصيدة مؤرخة عام ( 1952 ) ودار بينهما حديث .. فكتب :
” غادة من الأندلس ”
وثبت تستقرب النجم مجالاً …. و تهادت تسحب الذيل اختيالاً
وحيالي غادة تلعب في …. شعرها غنجاً و دلالاً
قلت يا حسناء من أنت و من …. أي دوح أفرع الغصن و طالا
فأجابت أنا من أندلس …. جنَتهَ الدنيا سهولاً و جبالا
هؤلاء الصيد قومي فانتسب …. إن تجد أكرم من قومي رجالا..
ينقلنا الشاعر إلى قصيدة غزلية يقول فيها :
” عودي ”
قالت مللتك .. إذهب لست نادمة …. على فراقك إن الحب ليس لنا
لن أشتهي . بعد هذا اليوم أمنية …. لقد حملت إليها النعش و الكفنا
تركت حجرتها و الدفء منسرحاً …. و العطر منسكبا .. و العمر مرتهنا
كان بوح الشاعر في قصيدته ( عودي ) صادقاً و الألم يقتات من قلبه و عقله لفراق حبيبته.
فقال لها بلهفة عاشق ( عودي ) فنحن كنا أكثر من عاشقين و في لقائنا بين الحين و الحين شوق و همس برقيق الكلام . كيف ابتعدت !! .. كيف مللت !.. كيف تناسيت ما كان
بيننا !! ..
كان اعتراف الشاعر لحبيبته و عتابه لها و التفكير بها .. شعور يحمل الصدق و الوفاء .
الشاعر في سطور :
الشاعر ( عمر أبو ريشة ) شاعر من أهم شعراء العصر الحديث في الوطن العربي
. ولد في مدينة ( منبج ) في محافظة ( حلب ) عام ( 1910 )
تلقى تعليمه الابتدائي في مدينة حلب و أتم دراسته الثانوية في الكلية ( البروتستانتية ) و هي تعرف لاحقاً ( بالجامعة الأمريكة ) في بيروت ثم أرسله والده إلى ( إنكلترا ) عام ( 1930 ) ليدرس الكيمياء الصناعية في ( جامعة مانشستر ) .
أعماله :
الشاعر ( عمر أبو ريشة ) من كبار شعراء و أدباء العصر الحديث و له مكانة مرموقة في ديوان الشعر العربي ، وهو الإنسان . الشاعر . الأديب الدبلوماسي الذي حمل في عقله .. و قلبه الحب و العاطفة للوطن و للإنسان و التاريخ السوري و العربي . و فعبر عن أعماله
و شعره بأرقى و أبدع الصور و الكلمات و المعاني و ترجع الثقافة الكبيرة التى تمتع بها
( عمر أبو ريشة ) إلى ثلاثة عوامل رئيسية .
• البيئة الصوفية الملتزمة التي ترعرع فيها و نهل منها عيون الشعر الصوفي.
• الدراسة في إنكلترا التي أتاحت له الإطلاع على الأدب الإتكليزي و شعرائه .
• العمل : اتخذ ( عمر أبو ريشة ) مسيرة دبلوماسية حقق خلالها نجاحات كبيرة .
• عين سفيراً بعدة دول ( البرازيل . الأرجنتين . الهند . و الولايات المتحدة ) .
• انتخب عضواً في المجتمع العلمي العربي بدمشق عام ( 1948 ) .
• عضو المجمع الهندي للثقافة العالمية .
• ملحق ثقافي لسورية في جامعة الدول العربية .
• وزير سورية المفوض في البرازيل ( 1949 – 1953)
• وزير سورية المفوض للأرجنتين و تشيلي ( 1953 – 1954 )
و قد نال أوسمة و مُنِح من أكثر دول عربية و أجنبية منها الرئيس اللبناني السابق
( الياس الهراوي ) منحه وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى .
أعماله الأدبية :
للشاعر ( عمر أبو ريشة ) الكثير من الأعمال و الدواوين ، و المجموعات الشعرية
و للشاعر الكبير ديوان شعر باللغة ( الإنكليزية ) و الكثير من المؤلفات و القصائد الشعرية و التي تعد من أبدع الأعمال الشعرية بين شعراء العرب في النصف الثاني من القرن العشرين .
ـ للشاعر ( عمر أبو ريشة ) الكثير من الأعمال الشعرية و المسرحيات المهمة من تاريخ الشعر العربي الحديث و من هذه الأعمال أذكر منها .
الشعر . ديوان . بيت و بيان . ديوان نساء . ديوان غنيت في مأتمي . أمرك يارب المسرحيات .
مسرحية تاج محل . مسرحية علي . مسرحية سمير أميس . مسرحية الحسين . مسرحية شعرية رايات ذي قار . مسرحية الطوفان .
وفاته :
توفي الشاعر في ( 14 / 7 / 1999 ) في مدينة الرياض المملكة العربية السورية و نقل جثمانه بطائرة خاصة ليدفن في مدينة حلب .
رحل الشاعر ( عمر أبو ريشة ) الشاعر العملاق الذي شغل الساحة الأدبية و الدبلوماسية لمدة طويلة لقد مثل وطنه سورية خير تمثيل في الداخل و الخارج لما يحمله من انتماء وطني سامي و محبة صافية لأمته العربية و للعالم .
*اعداد : رامية الملوحي*