قراءة في كتاب أوراق من تاريخ حماة


للباحث الأديب الراحل محمد عدنان قيطاز. ( 2 – 2 ) .*
صحافة حماة  خلال خمسين عاما ..
” ملاحظة ” حول الإطار الزمني لهذا البحث .
لندخل مع الأديب ( محمد عدنان قيطاز ) معابر صحافة حماة خلال خمسين عاماً من تاريخها بتحديد الإطار الزمني لهذا البحث ، هو ما بين عامي ( 1909 – 1958 ) حيث يمثل عام ( 1909 ) بداية التاريخ لظهور صحافة حماة في حين يمثل عام
( 1958 ) تاريخ القانون رقم ( 195 ) الناظم لشؤون الصحافة في الإقليم السوري إبان الوحدة بين سورية و مصر بموجب هذا القانون .
و يقتضي منا ( هذا الإطار أن نضع خارج نطاق البحث صحيفتين ( الفداء و الحرية ) لأن الفداء صدرت بتاريخ العاشر من أيار عام ( 1961 ) بينما صدرت الحرية بتاريخ السادس عشر من أيلول سنة ( 1962 ) و الفداء هي الوحيدة في صحافة حماة و تستحق أن يفرد لها بحث مستقل بسبب الدور الهام الذي تقدمه على الصعيد المحلي اجتماعياً و ثقافياً و قومياً .
مؤرخو صحافة حماة ..
.لم تحظ صحافة حماة بدراسة مستقلة حتى اليوم غير أن مؤرخي الصحافة العربية أو السورية لم يسقطوا من حسابهم صحافة حماة . فقد أشاروا إليها في مؤلفاتهم .. و أمدونا بقدر يسير من المعلومات التاريخية التي ضاعت أصولها الأولى .. بسبب الخوف من الاضطهاد أثناء فترة حكم الاتحاديين الأتراك .
لكن نفراً من الصحفيين قد حفظوا لأنفسهم و أبنائهم من بعدهم مجموعات كاملة من آثارهم الصحفية . نذكر منهم : الشيخ ( أحمد الصابوني )  صاحب صحيفة ( لسان الشرق ) و ( الشيخ حسن الرزق ) صاحب مجلة ( الإنسانية ) و ( الدكتور توفيق الجيجكلي ) صاحب صحيفة ( التوفيق ) .
عرفت حماة عدداً من الصحف و المجلات في أواخر القرن التاسع عشر منها ما كان يصدر  عن أفراد سوريين . ومنها ما صدر عن لبنانيين ، و مصريين . وكان بعض الموظفين و أصحاب النفوذ يقبلون على اقتنائها . غير أن حماة لم تدخل عالم الصحافة إلا بعد دخول المطبعة إلى المدينة على يد الشيخ ( أحمد الصابوني في عام ( 1909 م ) .
و يمكن إجمال أسباب صدور الصحافة بحماة بسببين :
أولاً : إعلان الدستور العثماني عام ( 1908 ) .
ثانياً : رغبة أصحاب الدعوات الإصلاحية في نظر أفكار الإصلاح .
كان إعلان الدستور العثماني إيذاناً بمولد حياة جديدة بعد موجة و كفل الدستور الحريات العامة و سهل عمليات الحصول على امتياز الصحف و حق إصدارها فوجد فيها أصحاب الدعوات الإصلاحية و النزاعات الاستقلالية متنفساً للتعبير عن آرائهم و أفكارهم . ثم تضاعف عدد الصحف و المجلات و ازدادت المطابع في بلاد الشام و أقبل الأدباء
و المفكرون على الكتابة و التأليف و نشر خواطرهم على أجنحة الورق .
لكن هذا الضئيل من الحرية ما لبث أن قيد بقيود الاتحاديين الطورانيين . و استشعر الأحرار بوطأة هذه القيود قبل غيرهم . فانعكست آثارها على أقوالهم و تصرفاتهم و مع ذلك فقد قام نفر من أبناء حماة . و أصدروا عدداً من الصحف و المجلات منها ما كان فكرة الإخاء العربي العثماني و منها ما كان يدعو إلى الإصلاح و التحرر .
و قد نجد ما يدعو لنصرة طائفة أو جمعية أو شخص ذي نفوذ و قليل ما اكتسب طابعاً أدبياً .
صحافة حماة بعد إعلان الدستور :
صدر إثر إعلان الدستور العثماني خمس صحف و مجلتان . و يعد يوم ( التاسع عشر من تشرين الأول عام 1909 ) هو تاريخ ميلاد صحافة حماة . و خلالها أصدر الشيخ
( أحمد الصابوني – صحيفة لسان الشرق )  و ( جبران مسوح – مجلة الإخاء ) كما صدرت ( مجلة الإنسانية للشيخ حسن الرزق ) .
لكن هذه الصحف أغلقت عند انتهاء الحرب العالمية الأولى ، و انسحبت القوات العثمانية و قامت حكومة فيصل العربية و أصدرت  في حماة  أربع صحف و مجلتان و عندما دخل الفرنسيون دمشق عام ( 1920 ) بعد معركة ميسلون . ألغيت معظم الصحف الحموية التي ظهرت في فترة الحكم العربي و لم يبق منها سوى ( مجلة الهدف )  لكن الهدف لم تدم طويلاً ، ألغيت عام ( 1932 ) بسبب مواقفها الوطنية .
بعد قيام الانتداب الفرنسي على سورية صدر في حماة أربع مجلات و هي :
( المجلة البيطرية ) – ( الزراعة ) ـ ( المرأة ) .. و  مجلة ( المرأة – لنديمة المنقاري ) و هي إحدى سيدات المجتمع الحلبي لكنها أقامت في حماة بسبب عمل زوجها .. و استمرت في الصدور ثماني سنوات . حيث حجبت عام
( 1932 ) قبيل جلاء الفرنسيين عن سورية ظهرت الصحافة في حماة من جديد بعد إنقطاع دام
( اثني عشر سنة ) و كان ظهورها إيذاناً ببدء النضال الوطني .
عادت صحف حماة و مجلاتها إلى نشاطها لدعم الاستقلال و تفردت مدينة ( سلمية ) عن سائر مدن المناطق بإصدار ( مجلة الغدير– لأحمد إدريس المير سالم ) و لم تتوقف هذه المجلة إلا بعد ظهور القانون رقم ( 195 ) عام ( 1958 ) حيث بموجبه تم تنظيم شؤون الصحافة و يختتم الباحث الأديب ( محمد عدنان قيطاز ) حديثه الشيق عن حماة و تاريخها الصحفي خلال خمسين عاما من الزمن .

رامية الملوحي

المزيد...
آخر الأخبار