الفداء – أحمد نعوف:
بعد انقطاع دام لأكثر من 14 عاماً، عادت مزارع تربية الأسماك في منطقة الغاب بريف حماة الغربي إلى العمل تدريجياً، وسط تحديات كبيرة يواجهها المربون في إعادة إحياء هذا القطاع الحيوي، الذي طالته يد التدمير والنهب خلال سنوات الحرب، خاصة في مناطق مثل قلعة المضيق والحمرا وباب الطاقة.
ويؤكد المربون، ومنهم صقار الداعور وسالم أحمد ومفيد حمود وسالم عوض، أنَّ سهل الغاب لطالما كان أحد أبرز المناطق في سوريا شهرة بإنتاج الأسماك، حيث شكلت مزارع الأسماك مصدر رزق رئيسياً لآلاف العائلات، إلا أنَّ هذه المزارع تعرضت خلال سنوات الحرب لـ”تدمير ممنهج” نتيجة ممارسات النظام البائد، ما أدى إلى سرقتها وتجريفها وحرمانها من المحروقات، والأعلاف،و الأدوية البيطرية، وحتى الكهرباء.
ومع بداية عودة الاستقرار.. عاد العديد من المربين إلى مزارعهم ليجدوها خاوية ومنهوبة بالكامل، فبدأت رحلة التأهيل من جديد رغم الكلفة المرتفعة والديون المتراكمة.
وعلى مدار نحو تسعة أشهر من ترميم المسامك تمكَّنت بعض المزارع من العودة للإنتاج، إلا أنَّ المربين اصطدموا بعقبة تكدس الإنتاج، وصعوبة التصريف، نتيجة استمرار استيراد الأسماك المجمَّدة، رغم وجود قرارات حكومية سابقة تمنع استيراد أسماك المياه العذبة في ظل الاكتفاء المحلي.
الفارق في الكلفة… والمنافسة غير العادلة
المربون ريان السلوم، هيثم حقي، وهشام رموش أشاروا إلى أنَّ كلفة إنتاج الكيلوغرام الواحد من الأسماك المحلية مثل الكَرب، المشط، والسلّور تبلغ حوالي 3.5 دولار، في حين يُباع المستورد المجمد في الأسواق بسعر لا يتجاوز 2.5 دولار، ما وضع المنتج المحلي في موقف منافسة غير عادلة.
وتعود الزيادة في التكاليف إلى ارتفاع أسعار المحروقات، إذ تعتمد المسامك على مولدات الديزل لتشغيل مضخات المياه بعد سرقة محولات الكهرباء خلال فترة الحرب.
كما أنَّ الاعتماد الجزئي على الطاقة الشمسية لا يفي بالغرض، إذ لا تعمل إلا في ساعات النهار، يضاف إلى ذلك غلاء أسعار الأعلاف، حيث تحتاج مسمكة بمساحة 25 دونماً إلى 1.2 طن من العلف يومياً، ويبلغ سعر الطن الواحد نحو 500 دولار.
مطالب بوقف الاستيراد ودعم الإنتاج المحلي
وفي ظلِّ هذه الظروف، دعا مربو الأسماك إلى:
-وقف استيراد الأسماك المجمَّدة مؤقتاً حتى يتم تصريف المنتج المحلي.
-دعم مربي الثروة السمكية المتضررين.
-تأمين إصبعيات الأسماك بأسعار مدعومة.
-إيجاد أسواق لتصريف الإنتاج محلياً وخارجياً.
مساحة واسعة… وجودة متميزة
من جانبه، أوضح الطبيب البيطري حسين الحسين المشرف على مزارع تربية الأسماك في منطقة الغاب، أنَّ المساحة المرخصة للمزارع تصل إلى نحو 6500 دونم، وتربى فيها أسماك الكَرب والمشط والسلّور، والتي تتميز بجودتها العالية، كونها تُغذى على خلطات نباتية متوازنة تشمل النخالة والذرة وكسبة القطن وفول الصويا.
وأشار الحسين إلى أنَّ إنتاج كيلوغرام واحد من السمك يتطلب ما لا يقل عن 4 كيلوغرامات من العلف، مؤكداً أنَّ هناك متابعة دورية لواقع المزارع، وتحسين مستمر لطرق التربية والمعالجة البيطرية، رغم ضعف الإمكانيات المتاحة.