على رصيف الحياة وقف ينتظر بلا موعد ..ومع صمت وحزن عميق احتضن دمعة الحب .أخفى في حنايا صدره أسماء أناس كانوا معه أحبهم بكل جوارحه تركهم رغما عنه ومشى… ردد في داخله وهو ينظر إلى المارة والطريق
_لماذا أرى الناس حولي آلات صماء لا تتحرك ولا تسمع ولا تتكلم ما أشد فقدان الذين نحبهم والقلب يثب بين الأحلام الباقية باحثا عنهم نظر أمامه … نظر لعيون الطبيعة كانت هناك شجرة أبدية الاخضرار كالزيتون صارت مثله الأعلى ،رفض الحزن ..رفض التراجع ..صرخ من أعماقه :
_لن أعود لفراغ الماضي وعتمة الزمن سأستمر في هذا الطريق رغم برد الشتاء الذي دثرني وتغلغل في جسدي .هذا المساء رطيب .قسوة الصقيع تنخر عظامي ولكن سأقاوم ،ولن اطفئ الدفء القادم إلي من تلك الأشعة المتسربة من هذه النافذة في آخر الطريق .. ،إني أراها وأرى أمل مشرق من خلالها يناديني
مرت أيام وأسابيع وشهور وهو يسير في ذات الطريق الذي يؤدي إلى مكان عمله.
ذات يوم التقى بفتاة جميلة كان اسمها ( الما ) ،نظر إليها وكأنه يعرفها منذ زمن تحدثا في أمور بسيطة و تركها دون أن يحدد موعدا للقاء آخر ،خرج وابتعد و لكنها مازالت موجودة أمامه وتساءل :
_لماذا أنا أعيش في فراغ لا أعرف مداه .. الوقت أراه طويلا مملا بعد أن ذهبت أحسست بشعور غريب يشدني إليها ،شعرت بدفء وجودها إلى جانبي ، تكررت اللقاءات .. إنها صارت قريبة إلى قلبه لكن عقله يرفض تجربة ثانية .. دون في مذكراته ماحدث معه (إني أعيش أنات إنسانية ووجدانية في حياتي تكبر وتكبر وأرى السماء ضيقة بلا نجوم إنها تجربة جديدة في حياتي أخالها أتت إلي من النافذة المشعة !.كم أتفاءل بإشعاعها في نهاية الطريق .
كان صباحا جميلا مشرقا اتصلت به جاء صوتها يقطع كل صمت ويزيل من أمامه كل العقبات تحدثت إليه وصوتها يتردد على مسامعه شفافا ناعما أيقظ الفرحة في أعماقه:
_هل أنت بخير ( سامر ) أنا أرغب في الحديث معك لأني رأيت كل شيء مخضبا بالصدق موحيا بالعطاء نابضا بالحقيقة
– مرات.. ومرات ..ومرات.. تحدثا والتقيا .
في أمسية مقمرة اتصل بها ودعاها للقاء قالت له:أجل سنلتقي في مقهى قريب من هنا فأنا بشوق لفنجان القهوة معك .
أتت إليه..أمسك يدها وكأنه يمسك حلما يتمناه ألا ينتهي .
ابتسمت وهي تضغط على يده كي لا تفارقه وهي تهمس تعال لنبتدع لأنفسنا أحلاما جميلة مادامت قلوبنا خالية من الحزن لماذا لا نغني أحلام أعماقنا المنسية؟
كان ساهما شاهدا وكأنه رحل في داخله إلى أناس قد سكنوا القلب والخاطر ،سألته: ماذا بك؟.هل أنت معي! أم أنت في طرف منعزل من الزمن.
_هل حضوري دائم في عالمك ؟
_ألم تقل لي أنك تشعر براحة خاصة معي . . إذا لما لا نعيش معا ؟ . لقد غلفت لياليك بسواد الماضي،أبعده عنك أنا مازلت أنتظرك.
بعد أيام شغلته أمور كثيرة خارجة عن إرادته افتقدته فأرسلت له رسالة قصيرة(مازلت أنتظرك وأنتظر صوتك أفتقدك بشدة)،رد عليها: مازلت في أعماقي رغم دورة الزمن العكسية،ومازالت الشوارع مزروعة بخطواتنا تعالي إلي أنتظرك .
أمسك بيدها وسارا في الطريق الذي تعود أن يسيره كل يوم كانت آلاف الكلمات تذوب وتنطق دون لغة في عناق عيونهم لقد التقيت بك أمل دون موعد لأنك الشوق التائه الخطوات في موعد غير محدد أيتها الآتية من المجهول وجودك معي حدد التاريخ .. والمكان والعنوان
.نظرت إليه وهي تشد على يده وتكاد تمطره قبلا ..
– انتبه في نهاية هذا الطريق بيتنا وتلك النافذة المضاءة هي غرفتي ..تعال لندخل .
رامية الملوحي