ملتقيات أدبية واجتماعية المنابر الثقافية في سلمية.. تعويض عن غياب المركز الثقافي وفرصة لاكتشاف المواهب

* عندما قال الآخرون ان سلمية بلد الفكر والثقافة والادب، هي شهادة نعتز بها، وان شهد شاهد من أهلها فهي شهادة مجروحة، كما يقال، لكن الحقيقة هي كذلك.
ففي سلمية ، تجد في كل ببت شاعر او مهتما بالشعر، او قاص و مسرحي او موسيقي او قارئ ، وهذه كلها تتلاقى مع بعضها البعض فكريا وثقافيا، فكيف اذا ماالتقت في مكان واحد وقدمت سوية؟ 
هذا هو حال الواقع الثقافي المعاش حاليا في سلمية، حيث انتشرت في السنوات الاخيرة الصالونات والنوادي والملتقيات الثقافية والادبية والفنية، اضافة الى الجمعيات  الاهلية والمركز الثقافي” الغائب حاليا بفعل الترميم والصيانة التي طال أمدها وابعدت الجمهور وشتتهم ، من هذه النوادي والصالونات والملتقيات ما استمر وثبت قدمه على الساح الثقافية في سلمية، ومنها ما تلاشى او خفى بريقه، وذلك بفعل نوعية النشاطات ونوعية الحضور، او بسبب انتشار  الكورونا او غير ذلك.
فإضافة الى المنابر الثقافية في الجمعيات الاهلية المعروفة في سلمية ( الهلال الاحمر والعاديات وأصدقاء سلمية) ظهر الى الوجود الثقافي ستة منابر وهي ( صالون محمد عزوز الادبي، صالون سلمية الثقافي، نادي المتقاعدين، ملتقى شعراء سلمية، ملتقى الوفاء للادب والشعر، البيت العتيق للشعر) وهذه الاماكن تحتضن روادها من الادباء والمثقفين والفنانين ومحبي الدب والثقافة، منهم ادباء كبار لهم اسماؤهم على مستوى الساحة الادبية والفكرية محليا وخارجيا ، ومنهم الهواة الذين يجدون في هذه المنابر الفرصة لابراز مواهبهم وابداعاتهم.
الهدف الاساس من انشاء هذه المنابر الادبية، هو الاستمرار تنشيط الفعل الثقافي في مختلف انواعه وعدم الركود في ظل الظروف المعيشية والصحية الواقعة علينا، اضافة الى تشجيع الكثير من المواهب والاقلام  الشابة للظهور وتعريف الجمهور بها، لترفد الاجيال الأدبية القديمة في سلمية، وليستمر الفعل والحراك الثقافي متوقدا ومتأججا لايخبو ولا تؤثر فيه كل الظروف.
اعود وأؤكد بأن بعض هذه المنابر استمر بقوة، من خلال تنوع نشاطاته وبرامجه الثقافية والادبية والفنية، والبعض الاخر خبا بريقه وتراجع للأسباب ذاتها، أو لأسباب أخرى.
ولكي لا أكون منحازا او متحيزا لهذا المنبر او ذاك أترك لكم اراء بعض ممن التقيناهم، وهم من رواد تلك المنابر، لمعرفة آرائهم بدور هذه الصالونات والملتقيات والنوادي على اختلاف مسمياتها، في تفعيل الحراك  الثقافي والادبي والفني في المدينة ، وكذلك دورها في اكتشاف مواهب ابداعية جديدة وجديرة  وتشجيعا ، فماذا قالوا: 
*
نضال الماغوط – شاعر: كنت اتمنى حقيقة لو أن المراكز الثقافية هي من يضطللع  بهذه المهمة، وكنت اتمنى قبل ذلك لو كان الأمر بالنسبة لها عملا جديا وحقيقيا.. لكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن
فالمراكز الثقافية تغط في نوم عميق، والعمل فيها عمل وظيفي ،وما من هاجس ثقافي فيها يتعدى دوام الموظفين
وهذا فتح الباب على مصراعيه لنشوء المنتديات والملتقيات الأدبية والتي تكاثرت بشكل تضخمي
وهذه المنتديات.. ربما كانت أهميتها تكمن في أنها تجمع ثلة من الأصدقاء وأغلبها له طابع اجتماعي أكثر منه ثقافي.. وهذا فسح المجال لكثير من أميين ثقافياً وأدبياً أن يتقلدوا الألقاب ألأدبية والفنية التي ينوء بحملها مثقفون كبار
السائد والرائج في هذه المنتديات تسيد الأمية الثقافية إلى حد كبير فالشعراء والكتاب في غالبيتهم يكتبون دون رصيد فكري وثقافي
بعض هذه المنتديات يديرها أناس من باب الموضة لا أكثر إذ قد لا يكون لهم آية صلة قرابة  بأدب أو ثقافة
لم أسمع أن هذه الملتقيات قد أثمرت أسماء لها وقعها الأدبي أو ربما لم ألتقي بها.. وربما اكون مخطئاً أو مجحفاً.
على كل وجودها قد يكون أفضل من عدم وجودها…. على الأقل تؤدي دوراً اجتماعياً ما
وبانتظار أن يستيقظ هاملت أو يصل غودو المراكز الثقافية.. الذي طال نومه .. وأخشى الا يصل غودو في الوقت القريب.
أمين حربا- شاعر- مدير صالون ثقافي
التجمعات الثقافية الأهلية ليست بديلاً عن المراكز الثقافية الرسمية بكل تأكيد وليس من مهامها أن تكون البديل والعكس صحيح كذلك فوجود كل منهما ضروري.
فالأولى هي الرافد الذي يمتاز بسهولة وحرية الحركة والتفاعل مع كافة شرائح المجتمع ومنها الشباب.
والثانية هي الحضن الدافئ الذي يمتاز بتوجيه البوصلة للمسار الصحيح.
إن أكثر ما يثير القلق حول التجمعات الثقافية الأهلية هو عدم أهلية معظم إداراتها وجهلهم التام بالشأن الثقافي مما جعلهم يثيرون الفوضى الثقافية ويقدمون صورة مشوهه عن الوضع الثقافي بشكل عام.
فاتن حيدر- شاعرة- مديرة نادي ثقافي
الصالونات والملتقيات طبعا لاتنوب عن المراكز الثقافية ولكنها تقوم بالعمل للتعويض عن ما نفتقده عندما يتلاشى دور المراكز الثقافية، وهنا يكون لهذه الصالونات دور كبير في احتضان الأدباء والشعراء و الشباب ممن لديهم الهوايات والمهارات ويبحثون عن مكان يهتم بما لديهم وينمي ابداعاتهم.
وهذه الأماكن الثقافية كان لها دوراً كبيراً وفعالاً في تنمية الكثير من المواهب ونشر الثقافة وطبعا هذا يعود لمن يقوم بإدارتها  .فأنا لم أشمل كل الملتقيات والصالونات ،واقصد التي فعلا يمكن أن نطلق عليها منبراً للثقافة وليس مقهى للتسلية.
أما بالنسبة للإيحابيات فهي تفسح لنا المجال بأن ننمي قدراتنا ونتعلم ونعزز هذه القدرات ونختلط بالأدباء والمثقفين ونتعلم منهم . 
والنواحي السلبيه هي ..عدم كفاءة
أصحاب هذه الملتقيات على الإدارة الصحيحة واستقطاب أيا كان ليعتلي منبرهم وإعطاء الشهادات لمن لايستحق ..وهناك أعباء ماديه أيضاً على أصحاب هذه الصالونات فأغلبيتها على حسابهم الشخصي.
آمنة طالب- شاعرة- مديرة نادي ثقافي
برأيي لا تنوب الصالونات عن المراكز الثقافية لكن في ظل الظروف الراهنة وجدت الصالونات مكانها بيننا في نشر الثقافة وماغاب بسبب الظروف التي حلت بالبلاد وبعض الصالونات قد تميزت باكتشاف بعض المواهب الأدبية وبدأت تأخذ دورها ولا ألغي فكرة بعض الصالونات التي كان لها طابع سيء من حيث،الإدارة فلم ترقِ أبداً إلى المستوى المطلوب .
سليمان الشيخ حسين- شاعر- مدير نادي أدبي
انا بطبيعتي مع المراكز الثقافية إلا أن مركز سلمية معطل تماما مما فسح بالمجال لظهور المنتديات محاولة من بعضها لسد الفراغ الذي خلفه هذا الغياب وحتى غياب دور المركز في مناطق أخرى إن الطريقة التي نختار بها اداريي المراكز لم تعد خافية على أحد للأسف ليس لها علاقة بالثقافة وفي أي مركز يديره مثقف ستجد ان النشاط والرعاية على أكمل وجه رغم شح الدعم للمراكز الرئيسة وغيرها بعض المراكز يشتري الأصدقاء الضيافة على حسابهم.
أعتقد أن أسلوب دعوة الكتاب والموافقات الروتينيه ومركزية العمل الثقافي لعبوا الدور الأول في انخفاض النشاطات الحقيقية اضافة الى المبلغ المخجل الذي يدفع كتعويض للأديب لايساوي اجرة الطريق.
الصالونات لايمكن ان ترعى جيلاً ثقافياً فهي ليست مؤسسة لهذا الهدف وان اهتم بعضها بالشباب فليس ذلك عملاً بنيوياً يعبر عن توجهاتها
أضف إلى ذلك ان معظم القائمين على المنتديات ليس لها علاقة بالثقافة او بالمشروع الثقافي ويكاد بعضها يكون دكانا لصاحبها لا أكثر ولا أقل رغم ان المنتديات عملاً ينجزه المجتمع او لنقل الفئة المثقفة التي ترغب الحفاظ على الهوية الثقافية للأمة  أعتقد أن العمل الثقافي عبرها في حالة الحرب التي تعيشها بلدنا هو بمثابة تحدٍ مهم للتشتت الذي يحال العدو دفعنا اليها وكوة ضوء في النفق المظلم.
عدنان الخطيب- شاعر وقاص
العمل الثقافي هو عمل جماعي في النشاطات وفردي في الإبداع والكاتب يحتاج الى منصة أو منبر ليعبر فيه عن ما انتج من ابداع.
المراكز الثقافية هي اهم المنابر التي يخرج منها المبدعون إلى الجمهور مع الصحافة ووسائل الاعلام الأخرى غير المتاحة للأكثرية وفي غياب هذه المنافذ إلى الجمهور وجد البديل أو المساعد وهو المنتديات الادبية والمنابر الأهلية لتسد الفراغ فالطبيعة لا تطيق الفراغ
ولكن ليس كل المبدعون يقبلون الذهاب إلى هذه المنتديات وهم من رواد المراكز الثقافية أو من مجموعة المقاطعة للكل والعيش في الترف الذاتي او مع وسائل التواصل الاجتماعي وكل حسب اهتماماته ومزاجه في آلية حضوره.
أما عن الشباب فحضورهم الحصري في وسائل التواصل الاجتماعي السريعة والواسعة ولايوجد اي شاب في الصالونات الأدبية إلا ماندر لذلك فهي لا تساهم في بناء وصقل الأدباء الشباب.
والأهم من كل هذا أن دور الأدب قد اضمحل في المجتمع لذلك فلا صوت للثقافة إلا في داخل وقعها من صالونات ادبية ومراكز ثقافية وصحافة.
عبد العزيز مقداد- رئيس اللجنة الثقافية في مجلس المدينة وشعبة الهلال الأحمر:
قطعاً لاأحد ينوب مناب المركز الثقافي الرسمي في سلمية والصالون الثقافي والملتقيات الأدبية هما رديف وداعم للمركز الثقافي في نشر وتغطية النشاطات الثقافية والأدبية وخصوصاً في ظل توقف المركز بسبب أعمال الصيانة والترميم.
أما من ناحية أن يكون لها دور في صقل المواهب الأدبية من الشباب أعتقد أن صالون سلمية الثقافي المنبر المتميز والرائد في هذا المجال وذلك بسبب قيام برامجه المتنوعة بإدارات كفوءة تتميز بالخبرة الوافية باللغة العربية وقواعدها وارتياد الشعراء والأدباء النخبة والمتميزين لهذه البرامج وخصوصاً إدخال مادة النقد والحوار بعد كل أمسية أو نادٍ ونتمنى من الملتقيات الأخرى أن يحذو بنفس الطريق لنرتقي جميعاً بمدينتنا مدينة الفكر والشعر.
بالنسبة للإيجابيات كثيرة وأهمها ان تعدد المنابر الثقافية يزيد من التنافس الإيجابي ويميز الغث من السمين ويحفز الشباب والمواهب الناشئة بان يعطيها فرصة التعبير عن ذواتها وينمي حالة الإبداع الموجودة لديها .
أما السلبيات فأهمها من يهتم بعدد الحضور والكم لا بالتميز والكيف فالمنبر له قدسيته ويفترض ان لايعتليه من لايمتلك الموهبة والإبداع والسلبية الاخرى بمن يطلق ألقاب وشعراء على اشخاص لايمتلكون ادنى مقومات الشعر والأدب إضافة الى الشللية والعدائية غير المبررة والتي تسيء للعمل الثقافي والإبداعي . 
مع كل الأماني القلبية للجميع بالتوفيق والحفاظ على هوية سلمية الثقافية ومكانتها الادبية والشعرية وبذل الغالي فداء ذلك لأن التاريخ سيكون شاهداًعلى ذلك.
نصار الجرف
المزيد...
آخر الأخبار