الفداء- شريف اليازجي
صرخت إدلب في وجه العتمة لأكثر من خمسين عاماً، ولم تهدأ صرخاتها، بل تعزّزت خلال أربعة عشر عاماً مضت، حين وقفت جنباً إلى جنب، مع أبناء الوطن الأحرار.
كانت إدلب دائماً حاضنةً للأفكار، ملهمةً لمن أراد بناء مستقبل يليق بمن أبى الظلم، وفضّل طريق الحق على دروب الباطل، واسترخص الدم دفاعاً عن الكرامة والحرية. فكان النّاتج نصراً حقيقيّاً، وازدهاراً نابعاً من إرادة لا تعرف التراجع، لا تبعيّة عمياء ولا ولاءً غبياً.
ومن باب الوفاء لهذه الأرض التي لم تخن، تأتي فعّالية “الوفاء لإدلب” في السادس والعشرين من هذا الشهر، حاملةً في تفاصيلها الكثير من المعاني. ليست مجرّد فعّاليات تقليديّة، بل رسالة حبّ واعتراف بالعطاء، حيث تعالت حناجر خضراء في وجه كل ظلام.
لكن، هل يكفي أن نرى في هذه الفعّالية مجرّد رموز مادّية؟
هل بناء مدرسة هو فقط فرحة بمبنى جديد؟
وهل إزالة الرّكام يعني فقط تنظيف المكان؟
هل الرقصات الشعبية والفلكلورية مجرّد حركات مألوفة؟
وهل الكلمات والمقابلات، هي مجرّد تمنيات تُلقى على مسامع الحضور؟
الحقيقة أن كل هذه التفاصيل، وما يتبعها من مشاهد ولقطات، هي إعادة روحٍ إلى جسدٍ أنهكته الحرب، وهي دعوة للحياة من جديد، وأملٌ عنيد لا يرضى باليأس، بل يواصل البناء مهما ثقل الركام، أو ضاقت المساحات.
هي فعّالية تقول: هنا إدلب، وهنا الوطن بكلّ محبّته.
دعوة موجّهة لكلّ السوريين للمشاركة، كلٌ بما استطاع، دون تكلّف أو انتظار. أما الإعلام، فسيكون الشريك الفاعل، بعدسته المصوَّبة نحو النجاح، وصوته الموجَّه نحو الحقيقة، ليحوّل هذه اللحظة إلى سلاح محبة، ورسالة وفاء لا تنسى.
إدلب ما زالت عنواناً للنصر، تقاوم… وستظل.