أ. د. الياس خلف
قال أمير الشعراء ( أحمد شوقي ) يشيد بمكانة المعلم بوصفه مربياً فاضلاً :
قم للمعلـّم وفـّهِ التبجيلا
. . . كاد المعلم أن يكون رسولا
إلا أن الشاعر( رياض عادلة ) سمـّى المعلم ( رسول الضياء ) في قصيدة يؤكد فيها على مناقب المعلم ، بصفته القائد الذي يتفانى في عمله، في سبيل رسم طريق المستقبل الزاهر :
كلّ المعارك فيها العلمُ ينتصرُ
. . . فالعلم نور ٌ و أنت الشمس و القمرُ
ما نعمةٌ نالها بالعلم طالبـُها
. . . إلا بفضل يـد ٍ قد ساقها القدرُ
فالمعلم الحقّ منكبّ على تعليم الأجيال الناشئة ، لأنه يمثـّل شعاع النور في دياجير الجهل ، و تتبدّى صورة المعلم بوصفه قائد الناشئة في ظلال البيت التالي :
أهدي السلام إلى مـَنْ كان رائدنا
. . . قاد المسيرَ و قد أعشى بنا البصرُ
تحمل لفظتا ( رائدنا ، قاد ) فكرة الريادة و القيادة لأنه ينبوع الإلهام :
من فيض حكمته نستلهم الرشدا
. . . نحـذو خطـاه ففي تاريخه عـِبَـرُ
هنا تتجلـّى صورة المعلم بوصفه قائد المسيرة العلمية و المعرفية ، إنه باني العقول ، لأنه يغرس فيها حبّ التعلّم و التمسّك بالفضائل السامية ، التي ينبني عليها المجتمع :
أغراسه أشجرت و الجهد أثمرها
. . . بالحبّ طاب الجنى إذْ أينع الثمرُ
فالمعلم الفاضل بمنزلة الأهل الذين يقومون بتربية أبنائهم حبـّاً بهم ، و لا ينتظرون ردّ الجميل البتّة :
يعطي الجزيل و لا يرضى له عوضاً
. . . ما عهدُهُ بعطاء الخير يتـّجرُ
حيث يؤكد الأستاذ ( رياض عادلة ) أن مُثـُل المعلم في عمله تقوم على الإخلاص و التفاني :
في قلبه حبّ ، في عـزمه خطرٌ
. . . في يومه تعبٌ ، في ليله سهرُ
أنعِـمْ به قدوةً يزهو بمعدنه
. . . أقواله ذهبٌ ، أفعاله دُرَرُ
أجل ، هذا هو المعلم باني الأجيال ، فهو يحب تلاميذه ، و يجد كلّ المتعة في عمله التربوي و التعليمي ، و بفضل سلوكه الفاضل يبرز قدوة لطلابه ، لأن أفعاله تتطابق مع أقواله ، فهو يقول خيراً و يفعل خيراً ، و هو مصدر بهجة و سرور لتلامذته ، و موضع فخر و اعتزاز في غيابه :
لـُقياهُ تبعث في أعماقنا فرحاً
. . . ذكراه خلـّدها صـيـتٌ له عـَطـِرُ
هذا هو المعلم المربي المهذب الذي يغرس في أذهان طلابه و نفوسهم حبّ التعلـّم ، و التمسّك بالفضائل السامية ، التي يقوم عليها المجتمع ، فطوبى للمعلم الذي يرى في مهنته رسالة سامية ، و لا عجب لأنه رسول الضياء ، فهو كالشمس التي تنير في النهار ، و القمر الذي يضيء في الليل .