ارتبط اسم الأديب الطبيب عبد السلام العجيلي بمدينة الرقة ارتباط الروح بالجسد، فعندما تُذكر الرقة يُذكر عبد السلام العجيلي، وعندما يُذكر عبد السلام العجيلي تُذكر الرقة التي وهبها جلّ وقته وحياته وإبداعه، فاصبحت ايقونته واستراحته وملاذه الذي يجد فيه ذاته ونبض قلبه فاختارها مقراً ودوحاً يمضي فيه أجمل سني عمره.
ولد الاديب عبد السلام العجيلي في الرقة عام 1918 ،وبعد حصوله على الثانوية العامة من تجهيز حلب درس الطب البشري في جامعة دمشق وتخرج منها عام 1945عاد إلى الرقة ليفتح عيادته ويكون أوّل طبيب في الرقة التي لم ينقطع عنها رغم انشغاله بالسياسة وتوليه عدة مهام ومناصب ،ففي عام 1947 اصبح نائباً في البرلمان عن مدينة الرقة، وفي عام 1948 انضم إلى جيش الإنقاذ للدفاع عن فلسطين ، وفي عام 1949 انصرف عن العمل السياسي إلى مزاولة الطب والكتابة التي تفتحت لديه في سن مبكرة حيث نشر في مجلة الرسالة المصرية وهو في المرحلة الثانوية عام 1936 أولى إبداعاته القصصية وكانت بعنوان «نومان »
خلال دراسته في جامعة دمشق تعرف العجيلي على ادباء كبار مثل الشاعر نزار قباني وكوليت خوري ،وربطته بالشاعر نزار صداقة قوية دفعته لتعيينه سفيراً في إسبانيا عند تولي العجيلي وزارة الخارجية.
بعد الانفصال عام 1961عاود نشاطه السياسي ، فتولى وزارة الثقافة والإرشاد القومي، والخارجية ثم وزارة الإعلام بين عامي 1955-1962
عكس أدب العجيلي الواقع الذي عاشه بكل صدق وشفافية وتجلى ذلك في مؤلفاته سواء في القصة والرواية والرحلات حيث جاب أصقاع العالم ورصد بعينه الثاقبة ادق التفاصيل، واستطاع العجيلي أن يوثق تاريخ النضال الوطني ضد المحتل الفرنسي ويرسم حيثيات المرحلة التي عاشها متنقلاً ما بين الرقة ودمشق وعواصم العالم ،ليرفد المكتبة العربية بمؤلفات غنية هادفة تمتاز بالواقعية والدفء والحيوية ولتربو على أربعين مؤلفاً ما بين القصة والرواية والرحلات والاسفار .
ولعل أبرز مؤلفاته هي: «ساعة الملازم، الخائن، قناديل إشبيلية، قلوب على الاسلاك، الحب والنفس، ازاهير تشرين المدماة، حكايات من الرحلات، خواطر مسافر، دعوة إلى السفر، وله ديوان شعر وحيد 1951 بعنوان «الليالي والنجوم »…
نقل العجيلي الرقة إلى العالم، فتحولت بفضل إبداعه، من مدينة صغيرة بعيدة عن العاصمة إلى مدينة لها حضورها والقها عبر قصصه واسفاره ورحلاته ، من خلال ترجمة أعماله ومؤلفاته إلى اللغات العالمية مثل «الإنكليزية، الفرنسية، الإيطالية، الألمانية »
وتقديراً لإبداعه في شتى فنون الأدب وتركه بصمات خالدة في الحياة الوطنية منحه السيد الرئيس بشار الاسد وسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة عام 2004
في الخامس من نيسان عام 2006 رحل الاديب الكبير عبد السلام العجيلي عن عمر /88/عاما وليشيع في موكب مهيب يليق بشخصية أدبية مرموقة ستظل خالدة في العقل والوجدان، خلود الفرات الذي يوزع الخير والجمال شلالات عطر وينثر الضياء على مر الزمان.
*حبيب الإبراهيم