كثيرا ما نجد بين مفردات لغتنا الجميلة ألفاظاً متعددة المعاني وهذا ما يجعل اللغة العربية أصعب لغات العالم وأجملها.. ولكن الغريب فيما سأتحدث عنه الآن هي الألفاظ والصفات التي نرددها باللهجة العامية ونطلقها ظنّاً منّا أنها في محلها الصحيح لأننا ندرك معناها فقط بالعامية لنتفاجأ فيما بعد عندما نبحث عن معناها الفصيح فنجد العجب أنها تحمل المعنى المعاكس تماما لما نعرفه ونفهمه بلهجتنا، وأحيانا كثيرة جدا نجد أن مانقوله من مفردات نظنها سيئة باللهجة العامية فتكون ذات معنىً راقٍ وجميل لو بحثنا عن معناها الحقيقي بالفصحى. إحدى هذه الألفاظ والصفات التي نتداولها دائما فيما بيننا كلمة(غانية) وهي صفة ولفظ يجهل أغلبنا معناها الحقيقي. كلمة(غانية) عادة مانطلقها على المرأة اللعوب وغير المنضبطة والتي لا تمت للأخلاق والنزاهة بصلة.. وبعضنا ربط صفة(الغانية) بالنساء اللواتي يظهرن مفاتنهن وزينتهن لغير أزواجهن ولكن تأتي الحقيقة المفاجئة لتضرب كل مفاهيمنا عرض الحائط ولتقلب الموازين رأساً على عقب. فكلمة(غانية) بكل القواميس والمعاجم العربية المشهورة تعني المرأة الجميلة التي يكون جمالها هذا بدون وضع أي مستحضرات تجميل فجمالها يكون من ذاتها وِفقاً لما خُلِقَتْ عليه، أي المرأة ذات الجمال الطبيعي التي استغنت به عن الزينة.. ولم تكن هذه الشروحات الوحيدة التي أنصفت معنى(غانية) الحقيقي فقد تداولها بصدقها وجمالها الكثير من الشعراء العرب القدماء والمحدثين فاستخدموها بمكانها الصحيح.. يقول الشاعر العربي الكبير أحمد شوقي في مطلع قصيدته التي نرددها جميعنا: خدعوها بقولهم حسناءُ والغواني يغرُّهُنّ الثناءُ وقصد هنا أحمد شوقي أن حبيبته الحسناء التي تعرف عليها في فرنسا مخدوعة بمدح الناس لها ولجمالها وحسنها لأنه هو أول من اكتشف هذا الجمال فمدحها وتغزل بها بصدق.. عزيزي القارئ.. أما زلت تثق ببعض الألفاظ التي تطلقها جزافاً هنا وهناك دون أن تدرك معناها الحقيقي قد يكون معاكساً تماماً لما تظنه؟.. إذاً عزيزي القارئ.. عليك أن تتوخى الحذر اللغوي من الآن فصاعداً لأن السقوط في هوة المعاني المفخخة لن يجعل معاودة استقامتك مجددا بالأمر السهل..
كنانة ونوس