اليوم .. عدت إلى الورق .. عدت لقلمي بعد هجر طويل … أتنفس رائحة مداده الممتزجة برائحة عطرك و أنفاسك . عدت لذاتي و أخرجت ما بداخلها , و تحدثت للورق الدافئ حتى التوهج الحنون .
أمسكت قلمي و رسمت كلمات أحببتك ان تقرأها :
هذا المساء .. كان الكون يلتف بالبرودة , و الليل بلا قمر .. , و كانت النجوم تموت من عتمتها, و فقر الحدائق يرعبها الصمت . فاستسلمت لنوم عميق و غفوت …
كنت يا صديقي تلك الليلة سيد أحلامي .. أتيت إلي , و أمسكت بيدي , أخذتني إلى حقول تزهو بالسنابل و الشقائق و الورود … فرسمنا أنا و أنت من تألقها تفاصيل حبنا , كان لقاؤنا عرس الكون , الياسمين من حولنا يتمطى في أحضان النسيم العليل و يفتح عينيه على أغنيات جميلة دافئة .
مضيت معك , و سرنا في شعاب الحدائق و زهور الربيع , كنت إلى جانبك أداعب وردة , و أعانق شجرة خضراء وراقة . ثملّت … و انتشيت بنشوة الزيزفون وعبق الياسمين , ثم أقبلت إلينا من السماء نجمة ماسية كبيرة الحجم نشرت علينا ضوءا” ساطعا جعلتنا نغمض أعيننا من ونتعانق من شدة الضياء و بهائه . تمنيت أن يبق الضوء أكثر ولا يتلاشى … لأنها كنت لحظات خلتها دهرا”…
غادرني طيفك … رحل الربيع … غابت النجمة الماسية , و انتهت نشوة الزيزفون و بقي عبق الصفاء وحده في الروح يفوح …
عدت لدائرة ذاتي .. صحوت من حلمي و أنا أعانق و هما , بحثت حولي عن عذارى الربيع الخجلة , و الخائفة من الفراق , بحثت عن الياسمين و نشوة الزيزفون لم أجد شيئا , بحثت عنك أنت … ولم أجدك .
صحوت على صمت كصمت الأبدية … لم أستغرب من شيء أبدا … فأنا استيقظت لواقع أعيشه من سنين وسنين … و تسألت في ذاتي لماذا دعتك روحي لتكون سيد أحلامي …؟
لماذا هلّت عيناك و غفت في عيوني …و أطبقت الجفن على ذرات حنان ناعمة و القلب موشح بالحلم الجميل …؟
كنت أحسك تسكن ذاتي … و أحس معانيك تلد في أفكاري … لماذا كنت أتمنى لقائك …؟
هل لأنك حبي الأول و عبرنا معا دروبا مغلقة ….
هذه الليلة كانت أجمل ليالي عمري .. لقد خبأتك في قلبي , وحملتك مع قطوف كلماتي نجما” ماسيا” لا ينطفئ …
… رامية الملوحي …