((لو كنت أنتظر الكمال لما فرغت من كتابي إلى الأبد.)) المؤرخ الصيني ((تاي تنج))
بهذه العبارة بدأ علامتنا الباحث المؤرخ الشاعر محمد عدنان قيطاز كتابه ((حماة في العهد الأيوبي)).
بدأت بقراءة هذا الكتاب وكلي فضول لاكتشاف غياهب هذه المرحلة المهمة في تاريخ مدينتي حماة، وما أجمله وما أمتعه من كتاب فيه من الفائدة مايماثل كنزاً عظيماً لا يحصله إلا العالم المجتهد الذي امتلك أدوات البحث الحقيقية وتمكن منها، ولا يدرك قيمته إلا الباحث الحقيقي عن العلم والمعرفة، العاشق للتاريخ والوطن.
اقترب أسلوب علامتنا قيطاز ضمن هذا الكتاب من أسلوب السرد القصصي التاريخي الموثق، فامتلك المتلقي ودفعه للغرق بين كلماته وحمله بعيداً إلى زمن الأيوبيين في حماة، دون أن يمنحه فرصة للانفلات من أفكار الكتاب ومعلوماته، فمن يمسك الكتاب لن يقدر أن يتركه حتى ينهيه، وليحتضنه حينها ككنز ثمين يخشى عليه من الضياع.
أثار اهتمامي واعجابي وشعوري بعظمة مؤلف هذا الكتاب الباحث المؤرخ قيطاز تحقيقه للمعلومات التاريخية وإثبات الصحيح منها وتفنيد الكاذب بدقة ومنطقية وعقلانية وتوثيق عبر تاريخ المراجع، بطريقة تدفع القارئ للشعور بالدهشة أمام أسلوبه العلمي المتقن القويم وقدراته العظيمة وعقله المتقد علماً وحكمة ووعياً وذكاء، معلومات تاريخية لم يسبقه أحد إلى تأكيدها أو تفنيدها، بشكل وأسلوب لا يترك مجالاً للشك.
أبواب الكتاب خمسة، كل باب له عدة فروع:
الباب الأول توطئة عن حماة في العهد الزنكي.
الباب الثاني: حماة في العهد الأيوبي.
الباب الثالث: حماة في عهود نواب السلطنة المملوكية.
الباب الرابع: عودة حماة إلى البيت الأيوبي.
الباب الخامس: المدارس والأسر العلمية في العهد الأيوبي.
صدر الكتاب عن دار بعل للطباعة والنشر والتوزيع في دمشق، خط الغلاف للمهندس محمد قنا أستاذ الخط العربي في كلية التربية بحماة، وقد أهدى العلامة قيطاز كتابه إلى ابنه مؤيد الذي كان بجانبه في العسر واليسر، وكان له الفضل الأكبر في طبع آثاره.
يقول قيطاز:
(( هذا الكتاب يضم حديثاً عن حماة وملوكها في العهد الأيوبي، لتكون هذه التذكرة جسر اتصال بين ماض غابر وحاضر زاهر.
ولعل ثمرات الفكر وصبوات الشعر أفضل مايقدمه السلف إلى الخلف. وهي على تواضعها حيناً وتعاظمها حيناً آخر جديرة بأن يعرفها أبناء اليوم ويذكروها بوصفها إرثاً حضارياً لشعب مايزال يتطلع إلى مواصلة السير قدماً إلى سدة العلاء ليكون حفياً بهذا الإرث الضخم الذي لا يقدره إلا عارفوه من ذوي الفضل والبحث والاختصاص. لأن حماة كانت مركزاً هاماً من مراكز الثقافة في بلاد الشام إبان العهد الأيوبي.)).
مبارك لنا علامتنا الباحث المؤرخ الشاعر محمد عدنان قيطاز الذي يستحق كل تقدير وتكريم واحتفاء، ومبارك للمكتبة العربية هذا الإصدار الهام وهو بمثابة اكتشاف أثري مذهل لم يسبقه إليه أحد.
…….لما عبدالله كربجها