هي شاعرة من شعراء مدينة الفكر والإبداع التي تفيض بالأدباء والمدعين ، سوسن شتيان تتحدث عن تجربتها الشعرية وحبها لمدينتها سلمية فتقول:
لي في سلمية دفق حب ووحي وذوبان ..من عيون مائها الناشفة إلى ضفاف قلبي العطشان ..نهر شعر اورق عشبا في شوارعها و غبارا ..فرط الياسمين بياضه اربعا و اربعين عطرا وسرابا..السوسن زهر كانون الثاني دلف بتلاته في هسيس البرد والثلج يغطي سيقان الشجر.
في بيت عربي من غرفتين وفسحة للشمس والمطر وتنور عتيق وشجرة جوز وبرتقالتين كنت ازرع خطواتي ارتب طفولتي والعابا كثيرة لاتتكلم ولا تتحرك فاكسرها ..انا الكثيرة الحركة والكلام كما دونت ملاحظاتها معلمتي في نتيجة العام الاول من دخولي المدرسة بعد ان كتبت (ذكية -مهذبة -سريعة البديهة -تعتمد على نفسها لكنها …
درست اللغة الفرنسية بعد ان نلت الشهادة الثانوية بفرعها العلمي مع ان اختصاصات كثيرة كانت مفتوحة امامي لكن والدي يريدني ان اختصر الطريق واسلك درب التعليم واصبح مدرسة لغة فرنسية اللغة التي اخترتها بارادتي عندما غيري جبر على دراستها حين سحبنا اوراقا من سلة الفرز بين الفرنسي والانكليزي ..
ابي الذي اختصر الطريق غافلته سيارة الطحين ونقله الموت بسرعة الضوء الى السماء ..
تركنا اربعة فراخ وقرقة نتخبط بقش الحياة ودودها والقمح صعب المنال فالحقول مسورة ولا اجنحة لنا ..
لنعيش علينا ان نحفر الارض ونزرع السماء بالدعوات
فاستجابت والتقيت برجل يشبه ابي احببته من اللهفة الاولى وصرت له زوجة واما واختا واب ..
انجبت منه عصفوران وفراشة وبنينا معا عشا صغير شرنقة من حرير وعناء ..
عملت في اختصاصي مدرسة لغة فرنسية وانا الان مديرة مدرسة علي بن ابي طالب الحلقة الثانية اوزع قمح قلبي بالمجان لكل الفراشات والعصافير ..
وتضيف شتيان
حتى الآن ارى ان عباءة الشعر واسعة جدا ويحق لها الاعتراض على من يرتديها فخيوطها الحريرية هي من تختار الاجنحة التي تحلق بها ومنذ ان كنت طالبة في المرحلة الاعدادية كان مدرسو اللغة العربية يعجبون بما اكتب فكنت ابدع بالتعبير الادبي واصوغ تعابيرا مميزة وبطريقة شاعرية لم اكن حينها اعرف ان الشعر قد اختارني لارتديه لكن و بعد زواجي ومتابعة بعض صديقاتي لما اكتبه واعجابهن به شجعنني على مواصلة الكتابة كما كان لانتشار وسائل التواصل دورا باكتشافي بدأت انشر على صفحتي على الفيس بوك ما اكتب ومن خلال متابعة بعض الادباء والشعراء لكتاباتي هم من اطلقوا علي هذه الصفة التي لم اطلقها انا على نفسي حتى الآن ..وبالنسبة لي ما زلت اتعثر بطرف هذه العباءة الطويلة وكل من يرتديها لابد ان يتعثر حتى تطول قامته لتناسب سموها وارتقاءها ..اول قصيدة كتبتها وقدمتها في مهرجان الشعر بسلمية في عام 2015 مطلعها. تنام الارض ..شاركت في مهرجانات الشعر في سلمية منذ 2015 و حتى 2021 و كرمت عدة مرات لم اكتب الشعر في عمري لاحصل على جوائز و لا اكتب الشعر عن ترف في الحرف إنني فقط ارتق قلبي !
رغم انني كتبت الهايكو وشاركت بمسابقة نور برايل الفرنسية و حصلت على جائزة الابداع فيها ..صدر لي ديوان ورقي يتيم هو (جسد الكلام ) ولدي ما يفوق عن عشرة دواوين الكترونية لم اوفق في توثيقها ورقيا ﻷسباب عديدة اهمها التكلفة الباهظة للطباعة حاليا .. بدأت الكتابة في مرحلة الدراسة الثانوية بعد فترة من التأني والصبر و المطالعة والقراءة للكثير من دواوين الشعر والكتب الفلسفية والروايات
تأثرت بالكثير من الشعراء حيث ولدت في بيت لا تخلو زواياه من الكتب ولا رفوفه من الدواوين والروايات وخصوصا ان والدي كان معلما وشغوفا بالشعر العربي الفصيح و قارئا مثقفا ووالدتي من محبي الشعر والرواية كنت استعير دواوين الشعر لأقرأ في اوقات فراغي و لا انام قبل ان انهي قراءة الكتاب وتبلورت تجربتي الشعرية في مرحلة الدراسة الثانوية وخصوصا بعد حالة الفقد التي عانيت منها اثر وفاة والدي ولا زلت اذكر ذلك الالم والفراغ والحرمان واليتم الذي غلف روحي في غيابه ..
لذلك يلاحظ القارىء ان كتاباتي لها طعم الدمع والملح جراء تلك المعاناة ..الشعر هو قبل كل شيء وحي والهام وموهبة من الله والشاعر الذي ملك زمام الحرف والفكرة هو المبدع الذي يصوغ افكاره ويعبر عن معاناة مجتمعه ومعاناته بطريقة مميزة تمكنه من ان يطرحها بشكل شاعري يحرك الوجدان ويخلق الدهشة ومن اهم ما يميز الشعر هو الصور الابداعية والرمز القريب للمتلقي والذي يفتح باب التأويل فيشارك المتلقي او القارئ في اكمال القصيدة كما ان للتكثيف وعدم الاسهاب والتكرار والابتعاد عن السجع واختيار اللغة المناسبة والمتقنة والجرس او الايقاع الداخلي للكلمات دور في جمالية النص وانا ككاتبة اكثر ما يشدني هو كمية الجمال المسكوب بين السطور والتي تدفعني للابحار في الخيال ورسم الصورة بطريقة لافتة ..على الشاعر ان يمسك زمام لغته و يكثر من القراءة لانها تغني محصوله
اللغوي وتجعله اكثر تمكنا وبلاغة وقدرة على وصف ماهو سيء او قبيح بطريقة محببة وجميلة ..واخيرا اود ان اقول
ان الشاعر العظيم هو قارئ عظيم قبل كل شيء ..
هو العدسة الناطقة التي تصور الجمال و توسع رقعة الضوء لتورق الرؤية وتخضر القلوب .
الفداء – محمد حلاق