/ بــــلا مــــزح /

قصة قصيرة

طارَ الزمنُ لم يبقَ سوى الشجرِ العاري ، طيورٌ تفتشُ بين ذاكرة الفجر عن زادها ،وفيروز .
– هسْ اسكتي صرعتينا بالعصافير ،والشجرِ ،وأغاني فيروز .
– بلا مزح، دعني أُكمل.
انتبهتُ بيمنا أركبُ في السرفيس مـرّ سرفيس آخرٌ صار أمامَنا بأمتار كُـتبَ على بلوره الخلفي / انتي عيوني/ أوف من الأخطاء الإملائية.
– هسْ اسكتي صرعتينا بالخطأ الإملائي ،والنحوي ووو
– بلا مزح ،دعني أُكمل.
عند العصر بتمام عصر حباتِ الحصرم ركزتْ بصرَها على خارطةِ العالم المعلقة على جدار الصالون نقلتْ إصبعَها من دولة إلى أخرى إلى أن استقرتْ سبابتُها على سويسرا.
قالتْ: وجدتُها سنغادرُ إلى سويسرا .
ضحكَ الطفلُ مقترباً من أمه ليضعَ قبلةً على خدها دون أن يعي عن مشروع سفرها شيئاً.
– ماذا سأضع في حقيبتي، ثياباً ؟ لا سأشتري هناك ثياباً جديدة ، صوراً لي ،ولأهلي ؟ لا سألتقط هناك صوراً جديدة.
أغلبُ الأصدقاء ،والصديقاتِ قد سبقوها إلى سويسرا كيفما اتجهتْ ترى أحدَهم ، لكن جميعَـهم أنكروا معرفتِهم بها .
جلستْ على مقعد خشبي كانت تُمسك يـدَ ابنِها ،وتشدُها إلى جوارها فجأة أفلتتْ يدَه وتركَـتْه يعدو خارج الحديقة.
فكرت مليّاً :
لماذا يحدثُ معها ما يحدث ! الأصدقاء تنكروا لها، ابنُها غادرها ،وخلف الحائط كانتْ تسمـعُ صوتَ أنين اكتشفت لاحقاً أن إنساناً مجروحاً خاصرتُه تنزف يستلقي بجوار الجسر يعبرُ به المارةُ ،والتاريخُ ،والجغرافيا ،والأمم الغابرة ،والقادمة دون التفاتة له.
مشتْ على الرصيف بلا أمتعةٍ فقد جاءتْ سويسرا بثيابها التي ترتديها فقط.
فتحتْ عينيها نظرتْ حولها كانت الساعةُ الثانية بعد منتصف الليل.
– هسْ توقفي أنت، وخيالُك الذي جنى عليك .
-بـــلا مـــزح دعني أكـمـل .
قرأتُ خبراً عاجلاً على الفيس بــوك جاء فيه :
صدرتْ نتائجُ المسابقة التي أعلنت عنها وزارة السعادة مسابقةُ أجملِ موقف تعرضتَ له في حياتك.
قـرأتُ أسماء الفائزين كنتَ الفائزَ الأول مبارك لك .
-هس توقفي توقفي .
بــلا مــزح ، دعني أكمل : أُقــسمُ بالــرب أنت الفائز .
-لكني لم أشارك ربما تشابه أسماء.
– وصورتُـك الشخصية هل هي تشابُه صورٍ أيضا!
– بـــلا مـــزح.
-ولماذا أمــزح معك في هذا الموضوع !
-وما هو الموقف الذي شاركتُ ،وفــزتُ به!
-الموقف لا يتجاوز دقيقتين تتحدث كنت عن المصور الصحفي حين التقط لك صورةً على أنك ساعةً أثرية .
قهقه بصوت وصلَ حتى سويسرا وهو يرددُ :
كنت فقط أتحدثُ عن المتغيرات التي جعلت الحمارَ يطير .
– بلا مـزح.
– هسْ اسكتي هناك إنسانٌ يئن خلف الحائط يعبرُ به التاريخ، والمغادرون ،والعائدون و و و و و .
– بــلا مــزح ،دعني أُكمل .

المزيد...
آخر الأخبار