المرأة إيقاع الحياة.. وبطلة القصة

 received 272870568328681 a9f49received 554192549391598 5b609received 743269880188546 1bb90“لا اجيد التحدث كثيرا عني، فحياتي هي عمل وزراعة أمل”.. بهذه العبارة لخّصت لميس يونس، الحاصلة على شهادة الثانوية تعلم حر، مبادراتها الطوعية – الاجتماعية، في مجتمع تقف فيه المرأة جنباً الى جانب الرجل في تطويع صعوبات الواقع وما أكثرها..
 الى قرية الدليبة /ريف مصياف الغربي/ كانت وجهتنا.. قرية جبلية جميلة بهوائها العليل المنعش الجاذب لكل من يلتمس راحة النفس، تتشابك فيها أشجار الزيتون والكرمة  والتين، مستقبلة زوارها كما يليق بقرية تنضج كل يوم بهمة أبنائها، وصلنا الى مكتبة (لما)، لتطلّ لميس يونس بابتسامتها وترحيبها، وتبدأ بسرد قصص الإصرار والتصميم على النجاح، فمن  مُدرّسة لغة إنكليزية في مدارس ريف حلب إلى معلمة رياض أطفال، إلى أمينة فرقة حزبية فعالة في مجتمعها، استطاعت وبالتعاون مع كادرها الشابي، إصدار مجلة خاصة بقرية الدليبة، تعنى باهتمامات الأجيال وابداعات المهتمين في شتى فنون الأدب والمعرفة، من ثم مبادرات إحياء الصناعات القديمة في الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية، بعدها عملت في بلدية نيصاف، ولاحقا في بلدية قريتها الدليبة.
لميس من عشاق الأعمال اليدوية التراثية، حافظت على مهنة حياكة الصوف والقش والكروشيه، لتخرج لنا مشغولات جميلة وحلوة تلبي الحاجة منها، وخصوصاً لفصل الشتاء.
عند سؤالها عن شغفها بالصوف والكروشيه وكيف تعلمت؟ أخبرتنا أنها اكتفت بمراقبة البنات الأكبر سناً منها، وهنّ يقمنّ بنسج الصوف، وعليه تعلمت.. وفي سؤال عن الظروف والصعوبات الراهنة وطموحها، لم يكن جوابها تقليدياً، إنما من رحم التجربة والإصرار، فهي تجد أن الصعوبات موجودة في كل مجال، كما هو حال الحلول، فإيجاد الفرص ليس بالأمر الهيّن، لكنه غير مستحيل، فمثلا، وبسبب الظروف الاقتصادية  الحالية، (مكب الصوف الجديد) ثمنه غالي، فكانت الفكرة باللجوء الى الثياب الصوفية القديمة، وأحياناُ شراء تلك الثياب الصوفية من محال الألبسة المستعملة (البالة)، وإعادة تدويرها، وجعلها صالحة للنسج من جديد.. أما طموحها، فقد فردت له مساحات من الأمل والإرادة قائلة: الطموح سؤال كثيراً ما يتبادر إلى ذهني.. طموحي لا حدود له، رغم كل الظروف.. دائما أحب التحدي، وأبحث عن الأجمل والأصعب حسب الإمكانات المتوفرة، وأحياناً أكثر.
لكن، ضمن ضغوطات الحياة، إلى متى يمكننا الاستمرار بالعطاء؟.. فترد  لميس: هو مستمر ما دمنا على قيد الحياة، والعمل أمل، يضئ كل لحظة شمعة لعمر جديد. 
أنا أعشق صنع القش وتحويله لأشياء قديمة، يعجبنا وجودها في منازلنا، فإعادة إحياء الصناعات القديمة، جزء من تراثنا المادي، وهوية لأجدادنا، فمن القش أصنع مثلا: السلال، والأطباق الصغيرة، وأطباق القش الملونة، وحاملات الأقلام، وكذلك فأنا أتقن مهنة التطريز والخياطة، أعيد تدوير الأقمشة لأصنع منها أشكالاً جميلة ومفيدة، تنجيد اللحف كمثل التي كانت تصنعها الجدات، مثل ( الجّيابه، شالات الصوف، خفّ الصوف، واكسسوارات للفتيات، أما الكروشيه فهو عمل يستهويني، لما فيه من إتقان ودقة، وهو ما درجت على صناعته الجدات، فتجد المنازل مزينة بأعمالهن.
وتتابع لميس: العمل اليدوي ليس فقط كنزة، أو طاقية صوف، أو طبق قش، بل هو قطعة من أرواحنا، وحب نقدمه لأسرة أو مجتمع، ولهذا فالتراث يحافظ على تلك الروح الأصيلة النبيلة في أعمال تراثية نجهد لإحيائها، والاحتفاء بها، وتعليمها للجيل الجديد، وهذا ما دأبت على عمله بتعليم كل من يرغب لاستمرار هذا التراث القديم.. ولعل عشقي للقراءة، دفعني لشراء عدد من الروايات والكتب، وتخصيصها للإعارة، باعتبار أنه لا يوجد في قريتنا مركز ثقافي، وهو طلب نرجو تحقيقه.
وختمت بقولها: أحيانا تضع الحياة عقبات أمامنا، إما لتكتشف قوتنا وحجم الإصرار والأمل بداخلنا، أو لتجعلنا ننزوي، تاركين خلفنا عمراً بلا قيمة، غارقين في البحث عن أجوبة لأسباب الفشل الذي يسيطر علينا.
لكل منّا قصة نجاح، لكن حين تكون المرأة هي بطلة القصة، يصبح للنجاح طعماً مختلفاً، يجعلنا نقف احتراماً وإعجاباً.. اليوم لميس وغداً قصة نجاح لامرأة من بلدي.
المزيد...
آخر الأخبار