معظم ريف المحافظة من شرقها إلى غربها ، ومن شمالها إلى جنوبها ، يعاني من شح الخدمات العامة فيه وبمختلف قطاعات البنية التحتية ، وتلك المعاناة ليست وليدة اليوم ، ولا هي بنت الظروف الأمنية التي شهدتها البلاد ، ولا من منعكسات الأزمة أو الحرب التي نعلق عليها كل أخطائنا ومآسينا وتقصيرنا بخدمة المواطنين ، وإنما هي نتيجة تراكم الإهمال ، وتطنيش البلديات على قضايا المواطنين الخدمية والتفاتها إلى المصالح الشخصية الضيقة بدلا ً من العامة .
فلو نَفَّذتْ تلك البلديات كل سنة مشروعاً خدمياً في مجالها الإداري ، خلال العقود المنصرمة ، لكان ريفنا الجميل أفضل من ريف سويسرا بالخدمات ، ولكان المواطن يعيش فيه من دون أي منغصات ، ولا يحسد سكان المدن !.
ولكن تلك البلديات كما يبدو كانت في واد ٍ والمواطنون في واد ٍ آخر ، وإلاَّ ما معنى فقر معظم قرانا بالخدمات بدءاً من الطرق الموحلة وصولاً إلى الصرف الصحي ومياه الشرب و.. و.. و .
واليوم تُضاف إلى تلك المعاناة التي تعذب المواطنين ، معاناةٌ أخرى من شح مازوت التدفئة ، الذي لم تحصل عليه حتى وقتنا الراهن آلاف الأسر في الأرياف !.
ونعرض لكم قرية المحروسة بريف مصياف كأنموذج ساطع على ما نقول ، فحتى الساعة لم يحصل سوى 46 % من أسرها وعددها 3750 أسرة بحسب سجلات النفوس على المئة لتر الأولى من مازوت مخصصات العام الماضي !.
وحتى ينتهي دور العام الماضي وربما في الصيف ، ستوزع اللجان مخصصات العام الحالي على المواطنين ، الذين قد لا يحصلون على قطرة مازوت أبداً في ظل الكميات التي تخصص بها القرية المذكورة ، التي يقطن فيها كواقع فعلي 25 ألف نسمة لا 10 آلاف وربما أكثر قليلاً بحسب النفوس ، وهؤلاء الوافدون وعددهم 500 أسرة لم يحسب حسابُهم بالمازوت ولا بغيره من المشقات النفطية الضرورية للحياة اليومية .
وهذه مشكلة أخرى تعاني منها هذه القرية وربما غيرها من القرى التي قصدها مهجرون بـحثاً عن الأمان .
وكان ينبغي للجهات الدارسة لحاجة الأهالي من المازوت والمعونات الغذائية والإغاثية وغيرها ، أن تدرس عدد السكان الفعلي وتقدر حاجتهم من تلك المواد ، لا أن تعتمد سجلات النفوس ، فثمَّة قرى ومدن وفدت إليها أسر كثيرة واستقرت فيها ، وشكَّلت ضغطاً على موارد ومخصصات أهلها ، ولكن هذا لا يعني حرمانها وحرمانهم من أبسط الحقوق ، ولعل أهمها على الإطلاق اليوم ، مازوت التدفئة ، فبين يدي بطاقة لعائلة من المحروسة تفيد بحصولها على 100 لتر مازوت في 19 – 10 – 2015 وآخر مرة في 25 – 1 – 2018 فما رأي أولي الأمر ؟.
محمد أحمد خبازي