دعونا نعترف قبل الحديث عن بنزينها، أن معظم الدراجات النارية في مدن المحافظة ومناطقها وقراها القريبة والبعيدة ( مُهرَّبٌ) ، شأنها في ذلك شأن نظيرتها ببقية المحافظات الأخرى ، وأمسى وجودها المخالف أمراً واقعاً، بغياب الأطر القانونية لتنظيمها وترسيمها، وتغاضي الجهات المعنية عنها، لاعترافها بها كوسيلة نقل مهمة وضرورية للآلاف من المواطنين الذين يستخدمونها في تنقلاتهم وأعمالهم الزراعية والمهنية والحرفية، وفي قضاء شؤونهم الحياتية، ولإيمانها بأن ليس كلُّ من يستخدمها هو مراهق أرعن يستعرض حركاته البهلوانية عليها أمام مدارس البنات ، أو لص يستخدمها لنشل الحقائب النسائية أو لغير ذلك من السرقات.
بل يستخدمها المعلم للوصول إلى مدرسته، والموظف إلى دوامه والمزارع إلى أرضه ، والعامل الحر إلى عمله ،
ولهذا كله وغيره كثير باتت أمراً واقعاً، وحرمانها اليوم من البنزين إلاّ بموجب البطاقة الذكية، يفتح باباً آخر من أبواب الفساد ، حيث يعمد بعض أصحاب محطات المحروقات إلى التلاعب ببنزين السيارات التي يملؤون خزاناتها بثلاثين أو أربعين لتراً ويسجلون بالبطاقة الذكية خمسيناً، ليبيعوا تلك الكميات التي يحتفظون بها في خزاناتهم بالسعر الحر أي كل لتر ب 350 ليرة فما فوق لأصحاب تلك الدراجات الذين لايحق لهم الحصول على بطاقة ذكية ، ولا يمكنهم الاستغناء عن دراجاتهم وسيلة تنقلهم الوحيدة، ولا يستطيعون تسجيلها لعدم امتلاكهم وثائق نظامية لها !!.
وبالطبع بقاء هذا الوضع كما هو عليه لايخدم ولايفيد سوى أصحاب محطات الوقود الذين يستغلونه لمصلحتهم أيّما استغلال، فهم كالمنشار على النازل آكلون وعلى الطالع آكلون ، ومن أصحاب السيارات ، ومن مستخدمي الدراجات النارية غير النظامية !.
وكحل لهذه الأزمة، وإذا كان من الصعب تسجيل تلك الدراجات النارية لدى دوائر النقل لتخصيصها فيما بعد ببطاقات ذكية وبنزين، نقترح تسجيلها لدى مجالس المدن والبلدان والبلديات ومنحها لوحاتٍ بأرقام متسلسلة، وذلك بسجلات خاصة تحفظ فيها ذاتية أصحابها وأرقام محركاتها، لقاء رسوم محددة تسدد مرة واحدة، ويمكن أن تشكل مورداً مهماً للوحدات الإدارية تسد بها العجز في تأمين رواتب موظفيها، وغير العاجزة يمكنها استثمار ماتحصله من مبالغ في ماينفع الناس من مشاريع خدمية ومجتمعية.
وبذلك نضرب عدة عصافير بحجر واحد – رغم كرهنا لضرب أي عصفور – أولها تسجيل هذه الدراجات وتنظيم وجودها، وثانيها إغلاق باب الفساد الذي أشرنا له فيما سبق، وثالثها تخصيص بطاقات ذكية لها كالنظامية تماماً، ورابعها تزويدها بالبنزين من دون استغلال أصحابها.
دعونا نستخلص الدروس المستفادة من تجربة تسجيل الدراجات الهوائية لدى البلديات قبل عقود ، فحتى اليوم نرى دراجات هوائية تحمل تلك اللوحات المعدنية الخضراء الصغيرة.
* محمد أحمد خبازي