يأتي عيد الفطر هذا العام محمّلاً بمشاعر الفرح والحنين، حيث يعيش أهالي حماة فرحتين: فرحة العيد، وفرحة العودة إلى منازلهم التي غابوا عنها لسنوات. بعد أعوام من التهجير والمعاناة، عادوا ليجدوا أن قراهم ومنازلهم ما زالت تنتظرهم، وأن العيد فيها له نكهة مختلفة تمامًا عن كل الأعياد السابقة التي قضوها في الغربة، بعيدًا عن أرضهم وذكرياتهم.
في الماضي، كان العيد بالنسبة للمهجرين يمرّ بصمت وحنين، إذ افتقدوا أجواء الاحتفال الحقيقية التي اعتادوا عليها في قراهم. كانوا يؤدون صلاة العيد في مساجد غريبة عنهم، ويكتفون بتهنئة بعضهم البعض عبر الهاتف، بينما كانت قلوبهم تهفو إلى ساحات منازلهم، إلى رائحة الخبز الطازج في التنور، وإلى ضحكات الأطفال التي كانت تملأ الأزقة.
أما اليوم، فقد تغير المشهد تمامًا، فعادت التكبيرات تملأ المساجد، وعادت الديار تعجّ بالحياة والفرح، وعادت مظاهر العيد التقليدية إلى سابق عهدها. الأسواق استعادت نبضها، والبيوت ازدانت بالزينة، والموائد امتلأت بأطباق المعمول والكعك، كما لو أن الزمن توقف هناك بانتظار أصحابها.
هذا العيد ليس مجرد مناسبة دينية، بل هو إعلان لبداية جديدة، لحياة تعود إلى طبيعتها، ولمجتمع يعيد ترميم ما فقده من سنوات. هو عيد الفرح والعودة، عيد يثبت أن الأرض لا تنسى أبناءها، وأن الفرح الحقيقي لا يكتمل إلا بين الجدران التي شهدت ضحكات الطفولة وذكريات الأجيال.
طلال قنطار مشرف جريدة الفداء