بالتأكيد نحن كصحافة لسنا مع ظاهرة الدروس الخصوصية ، ولن نكون معها في أيِّ يوم من الأيام ، لإيماننا العميق أن المدرسة هي المركز العلمي الوحيد الذي ينبغي أن يشعَّ علماً ومعرفةً ، وينهل أبناؤنا فيها بمختلف مراحلهم التعليمية كل العلوم والمعارف التي تمكنهم من التحصيل العلمي ، والإفادة منه بحياتهم الراهنة والمستقبلية بما ينفعهم ويفيد مجتمعهم .
وقد دعونا سابقاً وندعو اليوم لمعالجتها بموضوعية تامة ، ومن منطلق الحرص على سوية التعليم الوطني ، وتعليم الطلاب الفكر العلمي والتفكير التحريضي على الأسئلة التي تزيد إجاباتها المعارف العلمية وتنمي المهارات العقلية، وتوسع آفاقهم المعرفية إلى فضاءات لا تحدُّ ، إضافة للحرص الشديد على تحسين ظروف المعلمين والمدرسين المعيشية.
فلكي نضمن تعليماً مميزاً في مدارسنا يجب أن يكون المعلم أو المدرس مرتاحاً مادياً ، لا يؤرِّقهُ همٌّ معيشي ولا يستنزف قواه الفكرية البحثُ عن لقمة العيش الكريم لأسرته.
فالمعلم الجائع لا يعطي درساً جيداً لطلابه، والمدرِّسُ البردان في بيته ومدرسته لن يكترث بدرسه ولا بمصير ومستقبل طلابه ، ومهما حاولت وزارة التربية ترهيبه لن يجديها ذلك نفعاً بمعالجة ظاهرة الدروس الخصوصية أو قمعها .
فالمدرس بشرٌ ومن حقه أن يأكل ويشرب ويعلم أولاده بالجامعة ، وأن يسعى لذلك بكل إمكاناته ، وعلى الأقل لتوفير الحد الأدنى من مستلزمات العيش الكريم لأسرته.
وباعتقادنا من المعيب أن يعمل المعلم أو المدرس في حرف ومهن لاتناسب طبيعة عمله – مع احترامنا لأي عمل شريف وكسب حلال – ويعاقب إذا عمل بالدروس الخصوصية ويغرم ب 500 ألف ليرة ويحال للرقابة الداخلية !.
ومن المعيب أكثر ألاّ تعالج وزارة التربية الأسباب الحقيقية التي تدفع المعلم أو المدرس للاتجاه نحو الدروس الخصوصية في المعاهد أو ببيته ، وهي الأعلم بحالهما وأحوالهما وبالظروف المعيشية التي تعيشها كوادرها التعليمية بشكل عام ، فالفقر لم يستثنِ هذه الفئة العاملة في الدولة والفاعلة بالمجتمع أيضاً.
وقلنا سابقاً ونقول اليوم : القضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية محالٌ ، طالما مدخول المعلم أو المدرس ضعيفاً ، وطالما معالجتها تتم بأسلوب ( هوشة العرب) لا بطريقة علمية وتفكير موضوعي.
وقلنا سابقاً ونقول اليوم : إن الحل المناسب لهذه الظاهرة – إنْ كان صعباً زيادة رواتب المعلمين – هو تنظيمها في المدارس وتحت إشراف التربية ونقابة المعلمين، وذلك للراغبين من الطلاب.
ويمكن أن تعطى الدروس في أيام العطل ، ويستفيد من ريعها المدرسون الذين يجب أن يحصلوا على نصفها ، فيما النصف الباقي للتربية والنقابة، حيثُ يمكن للتربية استثمار حصتها في ترميم مدارسها وتوفير مستلزمات التعليم الضرورية، كما يمكن للنقابة تحسين وضع أعضائها من حصتها عبر صناديقها وأقنيتها التي تكفل ذلك.
محمد أحمد خبازي