حوار مع الشاعرة ناهد شبيب: الشعراء فقراء منذ قديم الأزل لم أقترب من الساحة الشعرية إلا في وقت متأخر

ناهد شبيب هي حمامة الدوح كما يطيب لي أن ألقبها ، فما سمعت منها إلا هديلاً ، وما شدت إلا بترانيم أنثى على قيثارة الروح …
بهذه الكلمات قدمت السيدة وفاء السمان لديوان الشاعرة .
وعن ديوانها الأخير الذي صدر حديثاً بعنوان ( أنا لن أحبك ) قال الشاعر عنها
( زينهم البدوي ) الأمين العام لاتحاد كتاب مصر : ناهدة شبيب صوت شعري يغريك
بالتحليق في سماء إبداع الشواعر … وبمناسبة صدور هذا الديوان كان للفداء معها الحوار الآتي :
*متى كانت بداية كتابتك للشعر ؟
ــ أكتب الشعر منذ مرحلة الدراسه الإبتدائية ومازلت أحتفظ بقصيدة ياشام التي كتبتها في الصف السادس الإبتدائي بعدها كتبت في مجلات الحائط المدرسية وكنت أشرح للمدرسه: كل قصيدة بقصيدة أبسط منها في المعنى كلما طلبت منا شرحاً للنص .
*لكلّ شاعر مثال شعريّ أو شعر يترسم خطاه ، من الشاعر الذي تأثرت به ؟ ومتى استقلت تجربتك الشعرية ؟
ــ لم أعتمد شاعراً بعينه أتتبع خطاه، فقد كنت أقرأ كل ماتقع عيني عليه سواء كان شعراً أو روايه ،قرأت لكتاب وشعراء كبار في الأدب العربي وقرأت الشعر الحديث المعاصر …ولكل شاعر بصمته في كتاباتي ،فالشاعر يقرأ ليكتنز ثروة لغويه تغني تجربته الشعريه وليطلع على تجارب الآخرين فيتعلم منها .
وأنا لم أقترب من الساحة الشعريه إلا في وقت متأخر، حيث كانت لدي مهمة عائلية تتطلب مني تفرغاً تاماً…..
الاحتكاك بالشعراء المتواجدين على الساحه ،والاستماع لهم سواء كان نقداً موضوعياً أو نقاشاً عادياً ،يساهم في صقل الموهبه ،ولذلك كنت أرى أن الشاعر أو الشاعره يجب أن يتواجد في ساحة الأدب، ولا ينأى بنفسه عنها شرط أن يكون الأدب في بيئته الصحيحة السليمة التي تدعم المواهب، وترقى بالتجارب إلى مستوى يؤهلها للوقوف على المنبر .
*ماالعوامل التي أسهمت في تكوين تجربتك الشعرية ؟ ( حيث الشعر الحقيقي صدى لموهبة لكن الموهبة وحدها لا تكفي ) .
ــ في الواقع السفر خارج القطر والتعرف على ثقافات متنوعه أسهمت كثيراً في صقل موهبتي الشعرية والارتقاء ،بها ومازلنا هواة لأن الشاعر إذا شعر أنه اكتمل فقد أحرق نفسه .
*لمن تقرئين ؟ وما جديدك الشعري ؟
ــ أنا كما يقولون :دودة كتب لا أحدد كتاباً لأقرأ إنما أقرأ كل ما يكون في متناول يدي وليس بالضرورة أن يكون الكتاب لشاعر كبير ،ومن المعروف أنني لا أنام إلا وتحت مخدتي وعلى سريري عدد من المجموعات التي أحضرتها من خلال جولاتي خارج القطر ،فهي ماأبدأ به صباحي عادة….ولايفوتني قبل كل شيء
أن أقرأ في كتاب الله الغني الثري المكتنز بالمعاني والصور التي لاتمنحها الكتب .
*من الشعراء من له الخطّ وليس لديه المعجم اللغوي الذي تمتلكينه . كيف تفسرين ذلك ؟
ــ الانتشار تسويق ،والكثير ممن يحسنون التسويق لأنفسهم لايحسنون الكتابه والعكس، صحيح وفي أيامنا هذه أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي متاحه للجميع فكل وشطارته …….
*كيف تكتبين ؟ ومتى ؟
يهبط الوحي فجأة على الشاعر فتتلبسه القصيدة ولايكاد يتفلت منها حتى ينهيها ،فإذا جاء مخاضها أربكتني وشلت حركتي عن أي شيء آخر سواها ،وهي تولد دفقة واحدة في أكثر الأحيان عند الشاعر المتمكن غالباً ماأتهرب منها لكنها تلاحقني ….أنصرف عنها فتتعلق برأسي ،كأنما تفرض نفسها ،فإن لم ألق لها بالاّ تركتني في توتر طوال اليوم …..
تلك الطفلة التي أضعها في ساعات الصباح الأولى حصراً حيث الجميع نيام تتنزل على الورق برفق تملأ صفحاته البيض مرصوفة بعضها إلى جانب بعض بأناقة فائقه، وما أن تكتمل حتى أفرح بها فرح الأم بولادة ابنتها البكر ،وأعود لقراءتها بين الساعة والساعة بحب شديد ….قصائدي بنات أفكاري وحبيباتي بيني وبينهن مابين الأم وابنتها من الود .
*ماالحيّز الشعري الذي أخذته المرأة في شعرك ؟
ــ المرأة امتدت على مساحة مجموعاتي الشعريه ….فإن خرجت منها لم تخرج مني لأنني أنا هي ….حملت قصائدي هموم المرأة العربية الشرقية في مجتمع محافظ وحملت عناوين مجموعاتي آهاتها وجراحها .
كتبت عن المرأة الأرمله في قصيدة معروفة أنا نصف امرأه ,والتي كان لها وقع كبير في الأوساط العربية، سورية ومصر والعراق ،وقد سميت باسمها مجموعتي الشعريه الأولى وكتبت عن الأم السورية التي ودعت أولادها في مجموعتي الثانية (صهيل الجراح)،وعن الأنثى العاشقه في ديواني الثالث (أنا لن أحبك ) وعن المرأة الصابرة ….لم أدع مجالاً أكتب فيه أوجاع المرأة إلا وحملته النصوص فالقصيدة أنثى……
*في الظروف التي نمر بها أحسّ بعض الشعراء بالإحباط ، برأيك متى يشعر الشاعر بالتعب من الكتابة ؟
نعم صدقت
الظروف التي نمر بها تفتح مجالاً للإبداع والتعبير عن وجع الوطن الأم أما الإحباط فله أسباب أخرى .
الشاعر لايتعب إلاعندما يقتل الآخر روحه بالنقد غير البناء ،ولمّا ينتشر الهراء وتتحول مجالس الأدب إلى تفريغ شحنات وتحديد مواقف ،ويغيب النقد الموضوعي وتبدأ المحسوبيات وتصفية الحسابات والغيرة والحسد كل هذه الأمراض المتفشية في المجتمعات الأدبية كفيلة بقتل الإبداع عند أي شاعر أو أديب .
ــ علينا بثقافة الاحتواء لنكن بيئة صالحة لرعاية براعم المواهب برمي ماحملتنا الأيام خلف ظهورنا ،وارتداء المحبة واعتلاء مراكب الفرح وتقبل الآخر بود والتصفيق للناجح ومساعدة الذي يقع للنهوض .
*عبر العصور يضطر الشعراء للاختيار بين الكتابة وبين مغريات الحياة المادية ما رأيك ؟
ــ الشعراء فقراء منذ قديم الأزل ،وقد كان البعض يتعيشون على مايمنحه الأمراء والملوك جزاء قصيدة مديح ،أما الآن وقد زادت الضغوط فإن الشاعر الحقيقي أصبح ينفق على الشعر ،ولا يتكسب منه ،فنحن نسافر لنحضر مهرجانات دوليه وندفع ثمن بطاقة الطائره ونطبع المجموعات بأغلى تكلفه ونقدمها مجاناً لمن يحب .
علماً أنه لو باع الشاعر مجموعته بثمن التكلفه سيمتلك ثمناً لطباعة كتاب آخر وهذا جيد .
أما من يختفون من الساحة الأدبية يترقبون الجوائز والمسابقات للفوز فهذا أمر آخر …..لايضر الشاعر أن يشترك وأن يفوز فهذا حق له وإن فازت قصيدته فهو محظوظ. أما من يتفرغ لهذا الأمر فقد تحول من شاعر إلى تاجر ،نحن لانبيع الإبداع بل نقدمه مجاناً على موائد الادب لمن يرغب .
*ماذا تقولين عن الشعر في هذه الأيام ، وقد أخذ يتعاطاه كل من هبّ ودبّ ؟
ــ النشر أصبح مباحاً متاحاً لكل فرد من أفراد المجتمع ،وكل من كتب نصاً سمّى نفسه شاعراً وصفق له المعجبون ….تنشر القصائد المميزة فتسرق وتنشر النصوص التي لاترقى للنشر ،في الواقع كثر الشعر وقل الشعراء .
* نختم لقاءنا ببضعة أبيات مما تختارين ؟
1ــ اخفض سلاحك قدّت الأكباد
الحقد يولد والعباد تباد
2 ــ اخفضْ سلاحك أنت لست سوى أخي
خجلتْ لسوءِ مآلنا الأجدادُ
3 ــ مصلُ العروبةِ في دمائكَ من دمي
زرعَ الضغينةَ بيننا الأوغادُ
4 ــ وشجيرة الليمون نرتعُ تحتها
أيّام تملأُ دارَنا الأعيادُ
5 ــ كنا على الدنيا نضوعُ محبةً
أجدادنا يوم الوغى أسيادُ
6 ــ وإذا لنا بترَ الغزاةُ ضفيرةً
فزعت لنصرةِ عِرضها الآساد
7 ــ نارُ الحميّةِ كالجمارِ توقداً
لما تهبّ وللصّهيل جياد
8 ــ والحرب نحن عمادها ونسورها
والسّلم لو جنحوا إليه نقاد
حوار : أحمد المحمد طه

 

المزيد...
آخر الأخبار