توضيح قضائي حول تعميم سفر القاصرين وحقوق الوالدين والوصاية الشرعية

 

 

الفداء _ ناديا المير محمود:

 

أصدر القاضي الشرعي الأول بدمشق، المستشار أحمد حمادة، توضيحاً رسمياً حول مضمون التعميم رقم /17/ لعام 2025 الصادر عن وزارة العدل، وذلك في ظل ما أُثير من نقاشات وتأويلات خاطئة على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن ولاية الأم وحقوق القاصرين.

وأكد القاضي حمادة أنَّ التعميم جاء اختصاراً للإجراءات وتيسيراً على المواطنين، ولا سيما فيما يتعلق بإجراءات استصدار جوازات السفر وإذن السفر للقاصرين، دون أن يتضمن أي مساس بالأحكام الشرعية أو القانونية المستقرة.

وبيّن التوضيح أن التعميم نصّ صراحة على حق الأم في استصدار جواز سفر للقاصر مباشرة من إدارة الهجرة والجوازات دون الحاجة إلى مراجعة القاضي الشرعي، وهو ما يخفف الأعباء الإدارية ويختصر الوقت والجهد على الأسر.

أما فيما يخص إذن سفر القاصر إلى خارج القطر، فأوضح القاضي الشرعي الأول أن ذلك يستلزم موافقة الأب والأم معاً، وفقاً لأحكام المادة /150/ من قانون الأحوال الشخصية. وفي حال غياب الأب، تُعتمد موافقة من يقوم مقامه حسب ترتيب العصبات الوارد في التعميم، وفي حال غياب الأم حصراً، يتطلب الأمر حضور أو موافقة الجدة الأم.

وأشار التوضيح إلى أنه في حال وفاة الأب، يُسمح للقاصر بالسفر مع والدته بإذن مباشر من إدارة الهجرة والجوازات، ما لم يكن هناك إجراء قضائي نافذ يمنع سفر القاصر.

كما لفت القاضي حمادة إلى اعتماد وسائل التواصل الحديثة، ولا سيما الاتصال المرئي المباشر، للتحقق من موافقة الأب أو الأم في حال وجود أحدهما خارج البلاد، بما ينسجم مع التطور الإداري ويخدم مصلحة المواطنين.

وشدَّد القاضي الشرعي الأول على أن الوصاية الشرعية كما هي مطبقة في المحاكم الشرعية، ما زالت سارية المفعول، ولم يطرأ عليها أي تعديل أو تغيير، مؤكدًا أن الأم ما زالت تتمتع بالوصاية ذاتها التي كانت مقررة لها بموجب القوانين النافذة، وأن ما يتم تداوله حول إلغاء وصاية الأم عارٍ تماماً عن الصحة ولا يستند إلى أي أساس قانوني أو شرعي.

خلفية القرار الذي أثار الجدل

يأتي هذا التوضيح في أعقاب جدل واسع رافق قرار سابق، وجّه المحاكم الشرعية إلى عدم الاستمرار في تعيين أوصياء شرعيين خاصين للقاصرين في مسائل تتعلق بالولاية على النفس، ولا سيما لأغراض استصدار جوازات السفر أو أذونات الخروج.

وكانت المحاكم الشرعية قد درجت، خلال السنوات الماضية، على تعيين أوصياء من أقارب القاصر (كالأم أو الأخ أو العم)، ما أدى إلى تضخم غير مبرر في حجم العمل القضائي، وتعطيل القضاة عن مهامهم الأساسية، ووصول الأمر إلى تكليف بعضهم بالعمل داخل إدارة الهجرة والجوازات.

وأوضح القرار آنذاك أن هذه الممارسات لا تستند إلى نص قانوني، وأن الولاية على نفس القاصر محددة قانوناً وشرعاً بالأب، ثم الجد العصبي، ثم العصبات بالنفس وفق ترتيب الإرث، ولا يجوز تجاوز هذا الترتيب بعرف أو عادة، مهما كانت الدوافع.

غير أن سوء فهم القرار، واقتطاعه من سياقه القانوني، أدى إلى انتشار معلومات غير دقيقة حول انتقاص حقوق الأم، ما استدعى هذا التوضيح الرسمي لوضع الأمور في نصابها الصحيح، والتأكيد على أن الهدف الأساسي هو حماية مصلحة القاصر وتبسيط الإجراءات دون الإخلال بأحكام الشرع والقانون.

#صحيفة_الفداء

المزيد...
آخر الأخبار