هناك مسألتان هامتان لتطوير العملية التعليمية والتربوية أرغب في هذه العجالة أن أشير إليهما علماً أنهما بحاجة إلى ندوات عديدة لاستخلاص النتائج ووضع الحلول الناجعة لهما. وهاتان المسألتان تضاف إليهما مسألة أخرى جاءت لتغطي على البقية الباقية من العمل التعليمي والتربوي، وإنني لاأقصد النقد أو التجني على أحد، أو القفز من فوق الواقع، بل أقصد التصويب والتطوير والرغبة في سلامة الجيل وصحته الثقافية والفكرية واستيعابه بالطريقة التي تخلق جيلاً وطنياً قومياً متحرراً وواعياً.
المدرس هو محور العملية التربوية، وقائد اجتماعي، ورائد تربوي, فعندما يحسن اختياره، وتتحقق كفايته من العيش، ويطور نفسه من خلال الاطلاع على آخر ماجاء به العلم في مجاله يصنع المعجزات ولايمكن أن تظهر إمكاناته في مكان وتخبو في مكان آخر، فالمسألتان اللتان أشرنا إليهما سابقاً هما حسن الاختيار وتحسين الواقع المادي للمدرس، أما الثالثة فهي: المدارس والمعاهد الخاصة التي انتشرت في كل مكان وجهازها التدريسي هو الجهاز نفسه في المدارس الرسمية, إنما الفرق الوحيد هو التفويض فقط. إن مدارسنا واسعة ومنظمة وفيها مدرسون أكفياء مخلصون, لكن الدعاية بأن المعاهد والمدارس الخاصة تجعل الكسول مجداً، والمقصر متفوقاً، هي مجرد دعاية يراد منها كسب المال فقط، والبعد عن الجو المدرسي الرسمي, الذي يلزم الطالب بالدوام والانضباط والمراقبة والمتابعة ضمن مناهج وبرامج المدارس الرسمية، فما دام المدرسون الذين يدرّسون في المدارس والمعاهد الخاصة هم أنفسهم يدرّسون في المدارس الرسمية سواء أكانت ثانوية أو إعدادية أو معاهد .. الخ فأين المشكلة..؟ أعتقد أن المشكلة تكمن في التعويض المالي الذي يجعل المدرس أو المعلم يدرّس أفضل ويعطي جهداً أكثر, إنني لا أقصد معهداً محدداً، بل أقصد الظاهرة التي أصبحت منتشرة في كل مكان، وأصبحت سوقاً تجارية رائجة على حساب الآباء الكادحين الذين يعتقدون أن الاجتهاد والنجاح يأتيان من الدروس الخاصة والمدارس الخاصة بينما كل شيء مفيد موجود في مدارسنا الرسمية ومجاني، علماً أن الطالب المجدّ والمتابع والمؤمن في مستقبله لاحاجة له في تكبيد والده أعباء إضافية، فالانتباه لمدرّسه في الصف ومتابعة دروسه وواجباته يحقق له النجاح، وإن الالتفاف على القانون والتراخي في تنفيذه خاصة في مسائل التعليم ظاهرة غير حضارية ندفع ثمنها مستقبلاً.
أحمد ذويب الأحمد