طلِّسمات في متحف حماة

ملاتيوس جغنون مهندس مدني ومتخصص بقراءة النقوش الآرامية واليونانية تحدث عن إشكالية قراءة بعض النقوش اليونانية على لوحة فسيفسائية في متحف حماة قائلاً:
مصادفات غير معهودة تصل إلى حدِّ الطلاسم في تجربتي مع قراءة النقوش الأثرية اليونانية؟!
صادَفْتُ الكثير من الأحجيات؟ خلال مسيرتي الإبيغرافية كالأخطاء الإملائية أو القواعدية الشائعة جداً في النقوش اليونانية على اتساع أراضي منطقتنا السورية. كما صادفتُ أيضاً النقوش المشوهة والمبتورة والمنقوصة سواءً أكان منها على الحجر أم من الفسيفساء وهذه أمورٌ طبيعية جداً بفعل القِدَم أو عوامل الطبيعة أو التخريب أو إعادة الاستخدام.
وقد مَرَّ العديد من علماء الإبيغرافيا المشهود لهم على مثل هذه التجارب إلى الدرجة التي رفَعوا فيها أيديهم عن قٍلَّةٍ نادرة جدّاً تعدادها يقُلُّ عن أصابع اليد الواحدة وأعلنوا استسلامهم حيال ترجمتها بقولهم «يستحيل علينا ترجمتها؟!» ولدي مثال عن ذلك سيكون موضوعاً مهماً سأفاجِئُ به متابعي صفحتي عن قريب. وهذا أمر طبيعي أيضاً.
ولكن، أن يصل الموضوع إلى الطلاسم المبهمة؟ فهذا ليس له سابقة على حَدِّ عِلمي وخبرتي؟؟!!..
وإليكم الحكاية:
(منذ يومٍ واحدٍ فقط، أي البارحة) وتحديداً في الخامس عشر من نيسان عام 2019 ، كنتُ أتصفح صفحتي الرئيسية فمَرَرْتُ على منشور لجمعية عادياتنا بحمص أثناء جولاتها في رحلتها إلى مدينة حماة. واستوقفتني صورتان للوحة فسيفسائية واحدة معروضة على أحد جدران المتحف الوطني بحماة يبدو أنها مكتشفة منذ زمنٍ غير بعيد لأنني لم يسبق لي وأن شاهدتُها في المتحف الوطني بحماة الذي ألِفْتُهُ جيداً منذ أعوام سبقت الأزمة.
وكالعادة، أخذتُ الصورتين وقمت فوراً باستنساخ النقش اليوناني عليهما (وهما، أي الصورتين، للوحة فسيفسائية واحدة تغطيان معاً كل اللوحة). وفوجئتُ بعجزي الكامل عن فك طلاسم السطر الأول من مجمل سطور اللوحة البالغ عددُها السبعة سطور). ولقد حاوَلْتُ أن أعيد الأحرف إلى اختصارات محتملة لعبارات (وهذا أمر مألوف في الفسيفساءات المسيحية على نحوٍ خاص)، فلم أوفق إلى ذلك سبيلاً. والمشكلة هي أن هذه الأحرف تأتي بترتيبٍ لا يسمح لأي قارئ بإعادة تجميعها ويستحيل عليه إرجاعها إلى كلمات أو تعابير يمكنها أن تفيدنا بشيْ… أما بخصوص الأسطر الستة التي تدنو من السطر الأول فقراءتها ميسورة لجهة كلماتها وتعابيرها ومصطلحاتها المألوفة جداً في الفسيفساءات التكريسية للكنائس المسيحية بسورية.
وليس موضوعنا اليوم ترجمة ما جاء فيها، بل علامات الاستفهام والتعجب التي أرسمها حيال قراءة وترجمة السطر الأول؟! …..
وهنا، أنا لا أحبُّ أن أستخدم لفظ «أتحدّى» على الإطلاق، حيال أن يقوم أي عالم إيبغرافيا يعمل على النقوش اليونانية مهما بلغت خبرته أن يفك طلاسم السطر الأول؟! بل سأرفع له قبعتي وأنحني له إجلالاً لفَكِّه هذه الطلاسم، إن استطاع؟؟!!..
إلى هنا أكتفي وأترك الأمر برهن المزيد من الاستقصاء رغم التحدي الكبير.

 

 

المزيد...
آخر الأخبار