أعاد الباحث محمد راتب الحلاق نشر منشور في صفحته يدور حول وظيفة الفن ، وهو يستحق إعادة النشر يقول:
كلما مرت الأمة بمنعطف حاسم من تاريخها، كالمرحلة الراهنة، يتساءل المتسائلون عن الفن ووظيفته في مواجهة العاصفة، وفي صنع التاريخ … وهو، فيما أزعم، تساؤل زائف، أنتجته سجالات عقيمة بين أنصار الفن للفن وأنصار الفن للواقع وغير ذلك من المصطلحات التي لم تعد تحمل أية شرعية فنية أو معرفية. وقد آن الأوان لمراجعة الخطاب النقدي الذي تم إنتاجه في سنوات السجال للتخلص من هيمنة الأيديولوجيا التي أدت إلى تغييب ما هو فني لصالح ما هو سياسي؛ كما آن الأوان لتوقف نزيف الحبر والفكر في سجالات ( بيزنطية ) لا تخدم قضية الفن ولا قضية المجتمع، بعد أن أدى هذا السجال إلى شق ( علم الجمال ) إلى علمين ( علم جمال ماركسي وعلم جمال رأسمالي ) لكل منهما معاييره ومقاييسه ؟!، ولم يكن ينقص إلا تقسيم الناس إلى فئتين : فئة تجري في عروقها دماء ماركسية وأخرى تجري في عروقها دماء رأسمالية…. تطرب الأولى للفن الواقعي الذي تنبعث منه رائحة عرق العمال ودخان المصانع ….. وتطرب الثانية للفن الفانتازي الذي تنبعث منه روائح العطور الباريسية المشهورة ؟! الفن الحقيقي في عرف الفئة الأولى هو الذي يعكس هموم الناس ويعبر عن حاجاتهم ( أو يدّعي ذلك )…. أما في عرف الفئة الثانية فهو الذي يتخفف من ضغوط الواقع لأنها آنية ومؤقتة … وتنسى الفئتان أن الفن فعالية مستقلة بذاتها، مثلها مثل أية فعالية أخرى، عليها أن تهتم بأدواتها وتقنياتها بالدرجة الأولى … أما محتوى هذه الفعالية فلا خوف منه ( ولا عليه )، لأن الفنان ابن بيئة معينة ومرحلة محددة، لها أسئلتها ومحكومة بشروطها الموضوعية، ولن يستطيع الإفلات من تلك الشروط وتلك الأسئلة إلا المذهولون عما حولهم، وهؤلاء لا يعتد بهم.