فارغ ،تماماً ،أنت ،أيها العالم! .
فارغٌ ، مثل ميناءٍ عائدٍ من رحلة طويلة حول الحرب .
مثل قطارٍ سريعٍ داخل غرفة نوم متوقف ،في محطة امرأة .
فارغ مثل نهر يلعب بجفاف قلبه ورائحة فمه وحصى روحه. فارغ مثل بلاد تغص بصحراءَ ،تحتفل ،كلَ سرابٍ ،بعيد الرمل .
فارغ فارغ ،تماماً ،أيها العالم! .
وأنت على « الجسر « يخطفكَ حذاؤكَ الثقيلُ من تعبِ قدميكَ الى « ربطةِ عنقكَ .
وأنت على الجسر ،في المدينة المزدحمة ، والفارغة تماماً ، تقصُ خيطَكَ الأخير ،وتعرى بمعطف الصمت ،وتبرد قَصيدةً مغتصبةً متكورةً على صراخها ونهدها المدعوك ، حربٌ حتى مطلع الشمس ، وقيامة كأس الخمر ،ودعاء السفر ، وسعال الديك على مئذنة الفجر وخيط الدمع الأسود والقلب الأبيض والنجم الهاوي ،والأرض بعد ذلك ،دحاها ..
وأنت فارغ فارغ ،تماماً ،أيها العالم .! ثقيلٌ هواء المدينة الشوارع « تشحط « حالها الى البيت.
البيوت تخرج الى الشارع من غير هدف واضح.
الصباح كسول ينتظر أن تذهب الشمس بعيداً عن قدميه ليلها كـ « رسالة الريح ،لاتتأخر ،انتظرك « راودني بأقل شفتيك واترك الوقت مغلقاً ،والقهر مغلقاً والضحك مغلقاً ورفات أصدقائك مغلقاً .. تابوتك مفتوح .
فارغ فارغ ،تماماً أنت ،أيها العالم! .
اذهبْ بعيداً.. اذهبْ الى البريةِ.. اذهب قليلاً .. اذهب الى المدينة! أنتَ الآنَ في الزحام ،مكتظٌ وغريب ومسرعٌ أنت في معطفك مختبئ ترن « موبايل « مختنق ترن واحداً مغلقاً على أكثر من «موعد لا أحد يلتفت، أنت لاتلتفت، يتدفقون مدينةً وشوارع ،أرصفةً وإشارات ،متسولون وبائعو ضحك ، رسامون ،وصوت مغنية ،ومقاه ،وكراسي وعابرون إلى لاشيء .. أو الحديقة أو صالة المسرح ، أو أي شيء أو مكان أو قبر ،ربما ..ربما .. تماماً تماماً أيها العالم! .
أيمن رزوق