هناك فارق كبير بين البطل التراجيدي والبطل الكوميدي فنحن في الفيلم التراجيدي نتعامل مع شخصيات مكتملة الأبعاد من الناحية الدرامية, كما أن الفيلم التراجيدي يهدف إلى إثارة عطف المتفرج, فالشخصية التراجيدية تسعى إلى مثل أعلى تتمنى الجماهير المتفرجة أن يكون لها هي نفسها من الإرادة مايمكنها من السعي إلى تحقيق هذا المثل, بينما لايكون للشخصية الكوميدية إلا أن نضحك معها, ولذلك فسنتوقف مع البطل التراجيدي في السينما مع التنبيه هنا إلى أن ذلك ليس فاصلاً واضحاً بين النوعين, فمن الممكن أن تكون الكوميديات ذات شخصيات, وليست ذات أنماط وفي هذه الحالة ترتفع إلى مرتبة الكوميديا الواقعية أو إلى مستوى أقل. تراجي كوميدي.
بين هذين الفارقين الرئيسيين بين طبيعة الشخصية في كل من الكوميديا والتراجيديا, تنبع أهمية البطل في التراجيديا فالبطل هو الأداة التي يعبر كاتب التراجيديا عن هدف روايته وروحها, كما ان الكاتب التراجيدي ينصب اهتمامه على شخصية واحدة أو شخصيتين, بعكس مايحدث في الأعمال الكوميدية حيث يكون الكاتب فيها يوزع اهتماماته على شخصيات عديدة هناك أنواع عديدة للبطل التراجيدي , سنقف اولاً مع البطل القابل للوقوع في الخطأ, فالبطل التراجيدي ليس فاضلاً كل الفضيلة, وهو أيضاً ليس بالشخص الشرير, وإنما تكون هناك ثغرة في شخصيته فتجعله قابلاً للوقع في الخطأ، وقد يكون ذلك نتيجة لجهله بالموضوع الذي كان يتصرف فيه.
ومن أمثلة ذلك فيلم (ملاك الرحمة) الذي اقتبس قصته (يوسف وهبي) من أصل أجنبي إلى جانب قيامه بإخراج الفيلم واضطلاعه ببطولته, وقصة الفيلم أن الثري فؤاد بك (يوسف وهبي) يعيش في سعادة غامرة مع زوجته امتثال (راقية ابراهيم) وابنته ثريا (فاتن حمامة) و لكن فؤاد بك تعرف إلى فتاة تركية منحرفة اسمها جلسن زوزو شكيب نزلت في ضيافته مع زوجها الشرير كاظم الذي ادعى أنه شقيقها, وفي نفس الوقت كانت والدة امتثال ( نجمة ابراهيم) قد ساءت حالتها الصحية, وخشيت أن تموت قبل أن تعترف لابنتها بأن لها أخاً أنجبته الأم بطريق غير شرعي اسمه زكي ( فاخر فاخر ) وأن الوالدة قد عهدت بهذا الأخ إلى خادمتها كي تربيه, ويتضح أن هذا الأخ بعد أن أصبح شاباً صار شريراً فاسداً , ما إن علم بهذا السر حتى شرع في ابتزاز الأموال من أخته ( امتثال)
وذات مرة كتب زكي خطاباً لاخته امتثال طالباً منها أن تقابله في أحد الفنادق الشعبية, إلا أن هذا الخطاب قد وقع في يد الزوج ( فؤاد بك) قبل أن تتسلمه منه زوجته امتثال, وعندما اطلع عليه الزوج ظن أن الأخ (زكي) ماهو إلا عشيق زوجته امتثال فذهب إلى ذلك الفندق الشعبي في الموعد الذي كان محدداً في الخطاب, وأطلق على زكي الرصاص عندما وجده مع زوجته امتثال منفردين داخل غرفة واحدة, فلقي زكي مصرعه , بينما قام رجال الشرطة بالقبض على كل من فؤاد وامتثال, وفي المحكمة رفضت امتثال أن توضح حقيقة علاقتها بالقتيل, فحكم عليها القاضي بالسجن لمدة عام, كما طلقها زوجها فؤاد بك ثم تزوج من جلسن, وماذا بعد!!
ينتهي الفيلم عندما يتصل رجال الشرطة بالزوج فؤاد بك وكشفوا له أن البوليس التركي كان يطالب باعتقال المجرمين الهاربين ( جلسن وكاظم) وفي ذلك الوقت ذهبت والدة امتثال إلى منزل فؤاد بك, وأطلعته على سرها, فسارع فؤاد بك ليرد زوجته الشريفة بينما قام رجال الشرطة بالقبض على جلسن وكاظم استفان روستي) هذا الفيلم كان أول بطولة للفنانة ( فاتن حمامة ) التي ظهرت وهي طفلة مع عبد الوهاب في فيلم (يوم سعيد) فهنا نراها وهي في السادسة عشرة من عمرها, أنتج الفيلم عام 1947 وقد قدمها يوسف وهبي بعد ذلك بطلة مطلقة لفيلمه (المهرج الكبير) 1948 لتصبح بعد ذلك تحمل لقب سيدة الشاشة المصرية و أما الفنانة ( راقية ابراهيم) التي كانت نجمة الأربعينات في القرن الماضي, فقد اعتزلت السينما عام 1954 وهاجرت إلى لندن.
سليم الشامي