الفداء_ زهراء كمون
تدخل محاكمات الساحل، مرحلة جديدة ومهمّة مع انعقاد الجلسة العلنية الثانية في قصر العدل بحلب، بعد شهر واحد من انطلاق أولى جلساتها، في تطور يؤكّد أن العلنية ليست إجراءً استثنائياً أو ظرفياً، بل توجهاً ثابتاً في مقاربة ملفات الانتهاكات، وكسر دائرة الإفلات من العقاب.
وكانت الجلسة الأولى، التي انعقدت في 18 تشرين الثاني الماضي، قد شكّلت – بحسب توصيف مراقبين وقانونيين – منعطفاّ لافتاً في تاريخ القضاء السوري، بعد سنوات طويلة من المحاكمات المغلقة، وهيمنة الإجراءات السرّية، إذ أُعلنت الجلسات مفتوحة أمام وسائل الإعلام، وبحضور ذوي الضحايا، في مشهد غير مسبوق منذ أعوام.
وأكّد القاضي جمعة العنزي، رئيس اللجنة الوطنية للتحقيق وتقصّي الحقائق في أحداث الساحل، في تدوينة نشرها على منصة “إكس”، أن الحكومة السورية جادّة في اعتماد المحاكمات العلنية المفتوحة كنهج ثابت، بهدف تعزيز مبدأ الشفافية، وحماية حقوق المتّهمين من جميع الأطراف، وتعزيز الرقابة المجتمعية على مرفق القضاء.
ولفت العنزي إلى أن منظمات حقوقية أممية ومدنية، ستحضر هذه المحاكمات، ما يضيف بعداً رقابياً جديداً على سير الإجراءات، مشيراً إلى أن ضخامة الملفّ، تتطلب وقتاً وجهداً كبيرين لمحاسبة آلاف المتورطين في عهد النظام المخلوع، وأن ملايين السوريين ينتظرون انطلاق مسار العدالة الانتقالية بشكل أوسع.
ومع تبلور هذا المسار القضائي الجديد، جرت خلال يومي 18 و19 تشرين الثاني الماضي، محاكمة سبعة موقوفين في القسم الأول بتُهمٍ شملت إثارة الفتنة الطائفية، والسرقة، والاعتداء على قوى الأمن الداخلي والجيش، فيما خُصّص القسم الثاني لمحاكمة سبعة عناصر متهمين بالقتل والسرقة وارتكاب انتهاكات جسيمة.
وأكّد قاضي المحاكمة، أن الإجراءات “وطنية وحيادية ومستقلة”، وتُجرى وفق أحكام قانون العقوبات السوري، مع التشديد على ضمانات المحاكمة العادلة وحقوق المتّهمين.
وهكذا تدخل محاكمات الساحل مرحلة أكثر حساسية، وتبدو اختباراً حقيقياً لمدى جدّية بناء قضاء أكثر استقلالية، ومسار عدالة يوازن بين المحاسبة وترميم الثقة، ويفتح الباب أمام قراءة أكثر مسؤولية لماضي الانتهاكات وبناء مستقبل أكثر استقراراً.
#صحيفة_الفداء