صديقي .. ياأعز الناس..
أكتب لك سطوري هذه وأنا في رهبة كآبتي..
أكتب لك رسالتي الأولى بعد أن افترقنا.. ومذ افترقنا وحضورك قابع معي.. يبدد وحشتي واغترابي, ورغم أني أرتجف من الصقيع الذي خلفته لي, لأنني رحلت معك في أزمنة الدفء.
أحس وكأننا لم نفترق, وكأنك مازلت معي, وصوتك الآتي عبر الحروف, وارتعاشات فرح ترافقني فأغدو باسمه وأسرع لأرتمي بين أحضانك وأرمي تعبي بين يديك.
لكني أجد الوحدة تطبق على ماحولي, تجف وتعاتبني, تشدني شعاب الحزن إلى أغوارها, أعود لأتلمسك بحروفي وأقبلك بكلماتي.
أتجول عبر صفحاتي ثم تمتزج الحروف والكلمات وتغسل الصفحات بدموع بيضاء..
يارفيق دربي..!
كانت وريقاتي كعروس بيضاء نقية فقدت حبيبها, وما زالت تبحث في المدى عن الحبيب الذي هجرها, وتركها على شرفتها في صباح ليلة زفافها.. وداهمها الفجر وهي جالسة قرب نافذة فرمته على شرفة اعتادت أن تجلس فيها معه, ليستقبلا معاً ابتسامة الشمس, حتى الشمس صارت هذه الأيام حزينة ذوبت أشعتها في صفحات السماء فغدت بلا رونق ولانورا.. هكذا ياعزيزي أستقبل الأيام بعد أن هجرت شرفتي التي كنا فيها معاً نمرح كطفلين بين عناق أغصان الزيزفون وبين شوق الياسمين أسمع صوتك يصرخ بأعماقي, يسري في حروفي..
أيها الحاضر الغائب أبداً أناديك من ظلماتي، لا لتشاركني فيها بل لتمد يديك فقد أرهقني البعد وتاهت نفسي في مجاهل الحياة، وأنا منفية في ذاتك.
أناديك.. فالزيزفون أزهر.. والياسمين يبحث عن عطرك الحنون ..
سأكتب لك باستمرار .
ولكن لماذا أكتب .. ؟ وأنت لم تغب عني .. صوتك يهمس بين حروفي..
وكلماتي فهل أكتب..؟
رامية ملوحي