4 أطنان تبن خسارة الهكتار.. حرق بقايا المحاصيل يضر الأرض والفلاح والبيئة…مزارعون انخفاض سعر الكيلولـ 30 ليرة ..الزراعة ندوات توعية بالوحدات الإرشادية..تشجيع المستثمرين للإستفادة من المخلفات

رغم سهولة العملية الزراعية لكنها تعد من العمليات المعقدة لأنه لمّا يزل الكثير من الناس يجهل التعامل معها وبالتالي يتسبب بآثار سلبية تضر ليس فقط بالأرض، وإنما بجميع الكائنات الحية، ويعد حرق بقايا المحاصيل الزراعية من أبرز هذه السلوكيات التي يقوم بها أغلبية الفلاحين من دون العلم بأضرارها الكبيرة للأرض والتربة أو إمكانية الاستفادة من هذه البقايا كاستخدامها علفاً للحيوانات أو مادة أولية لصناعات متعددة، فمع كل موسم حصاد تعود الحرائق إلى الأراضي وتمتلىء السماء بالدخان الناجم عن عملية الحرق فهل يعلم الفلاح الأضرار الكبيرة الناجمة عنها أو أنه يجهل ذلك أم إنه توجد أسباب تدفعه إلى هذا التصرف، وما هي الوسائل والسبل المتبعة للحد منها.؟

انحسرت نوعاً ما
عدد من الفلاحين أجمعوا القول على أنه في العام الماضي انحسرت إلى حد ما عملية حرق بقايا المحاصيل بسبب ارتفاع سعر التبن حيث كان يباع الكيلو الواحد منه بين 75-100ليرة فيمكن الاستفادة منه بالكامل في حين أنه انخفض هذا العام إلى مادون 30ليرة وهذا ما جعل معظم الفلاحين يبادرون إلى الحرق، علماً أنه في الوقت الذي يرتفع فيه سعر التبن تكون عائداته أعلى من الأرباح الناجمة عن الزراعات التكثيفية التي عادة ما يتم الحرق من أجل الإسراع بزراعتها كالبطيخ الأحمر والأصفر والذرة، وغيرها من المواسم الصيفية يقول أحدهم: عملية الحرق تسهل سقاية الأرض وكذلك تسهل فلاحتها وتخطيطها من أجل أن يكون الفلاح قادراً على التخلص من بقايا المحاصيل حتى لاتعيقه ويصبح بإمكانه البدء مباشرة بالمواسم الصيفية.
وأضاف قائلاً: الحرق يساعد في التخلص من جذور الأعشاب الضارة لتكون بديلاً عن استخدام المبيدات الحشرية التي تستخدم لهذا الغرض والتي ارتفعت أسعارها بشكل كبير وأصبحت مكلفة للفلاحين.
لو…
وتحدث آخر قائلاً: أيضاً لاتوجد آليات خاصة ولو وجدت هذه الآليات في الوحدات الإرشادية وبأسعار معقولة بما يساعدنا في عملية جمع البقايا بتكاليف أقل، لما كان لجأ أي من الفلاحين إلى الحرق الذي يعد الوسيلة الأسهل للتخلص من جميع البقايا بفترة زمنية قصيرة.
ندوات كثيرة
في حين أنه تحدث فلاح آخر قائلاً: تم عقد أكثر من ندوة في الوحدات الإرشادية حضرها العديد من الفلاحين تضمنت الحديث عن ضرورة الاستغناء عن الحرق بسبب أضراره الكبيرة للتربة، ولكن المشكلة تكمن في أن الفترة الزمنية بين موسم الحصاد والزراعة قصيرة جداً لاتكفي لتحلل المواد العضوية التي تتوافر بكثرة في بقايا المحاصيل الزراعية، ومن جهة أخرى يتطلب أيضاً إضافة سماد اليوريا الذي يسرع عملية التحلل للمواد العضوية وفي ذلك خسائر للفلاح وتكاليف لم يحسب لها حساب فمعظم الفلاحين أوضاعهم صعبة ولايستطيعون المبالغة في النفقات بل يريدون الإسراع بزراعة الموسم الصيفي حتى يضمنون أسعاراً مقبولة لخضرواتهم في بداية موسمها.
حتى لا تعيقه
المهندس الزراعي كمال حسن تحدث عن مخاطر حرق بقايا المحاصيل الزراعية وعن البدائل التي يمكن للفلاح اللجوء إليها.
وتحدث أيضاً عن دور الوحدات الإرشادية في مجال توعية الفلاحين قائلاً: يقوم الفلاح بالتخلص من مخلفات المحاصيل الزراعية حتى لا تعيقه أثناء قيامه بزراعة المحاصيل اللاحقة، وأهمها الخضروات الصيفية علماً أنه من المفروض أن تتم فلاحة الأرض بالمخلفات الموجودة فيها مع إضافة سماد اليوريا الذي يسرع في عملية تحلل هذه المواد، فالبكتيريا المسؤولة عن التحلل تتغذى على الآزوت ولكن التكلفة المادية في هذه الحال ستكون كبيرة لذا لايلجأ إليها الفلاح لأنه توجد تكاليف أخرى منها فلاحة الأرض وسقايتها ومن جهة أخرى الفترة الزمنية قصيرة جداً بين الحصاد وزراعة المحاصيل التكثيفية، في حين تحتاج فيه عملية التحلل إلى وقت طويل ما يجعل الفلاح لاينتظر وخاصة أن الغالبية لديهم مساحات صغيرة يريدون زراعتها من أجل ضمان موسم صيفي يعود عليهم بالنفع .إضافة إلى ذلك أن سعر مادة التبن هذا العام انخفضت بشكل كبير، وذلك بسبب المحصول الوفير، فالجزء العلوي من النباتات استفاد منه الفلاح علفاً للحيوانات والجزء المتبقي يقوم بحرقه علماً أن الوحدات الإرشادية تقوم بندوات مستمرة من أجل توعية الفلاح بالضرر الكبير الذي تلحقه عملية الحرق بالتربة، حيث تؤثر في الخواص الفيزيائية والكيميائية للتربة ،التي بدأت بالتمعدن نتيجة لنزع المواد العضوية منها باستمرار، والدليل هو تشقق التربة مباشرة بعد الري، ومن الأضرار أيضاً قتل الديدان والكائنات الحية والبكتيريا الآزوتية التي تساعد في تثبيت الآزوت الجوي في التربة، وهي مادة ضرورية لخصوبة التربة حيث تقوم بتحليل بقايا المحاصيل السابقة وتحولها إلى عناصر غذائية كالسيللوز والنشاء والحديد والنحاس والفوسفور وجميعها مواد نافعة تحسن من قوام التربة، ومن الأضرار أيضاً أن الأفاعي السامة تتجه نحو الحقول الخضراء أو البيوت البلاستيكية القريبة بعد أن أصبحت النيران تشوي أوكارها.
خسارة 4 أطنان من التبن!
وأضاف قائلاً: إن حرق بقايا المحاصيل تخسر من كل هكتار واحد ما يبلغ 3-4أطنان من التبن عدا عن التلوث الكبير الذي يتسببه الحرق للبيئة بسبب الدخان الكثيف وحرق الأوكسجين وزيادة الغازات الضارة، ومنها غاز أول وثاني أوكسيد الكربون وبالتالي تخريب طبقة الأوزون ،وكذلك إمكانية انتقال النيران إلى الأراضي المجاورة التي لم يتم حصادها بعد وحرق محاصيل أخرى كالقطن أو الخضار.
بدائل
أما عن البدائل فتحدث المهندس كمال قائلاً: من المقترحات التي تم تقديمها للفلاحين هي جمع البقايا في زاوية من الحقل وفلاحة المساحة المتبقية وإكمال عملية الزراعة بشكل طبيعي وترك هذه البقايا إلى أن تتخمر وبعد ذلك تفرش هذه البقايا، وتكون قد تخمرت على المحصول اللاحق، أيضاً من المقترحات الزراعة من غير فلاحة فبعد حصاد القمح تتم زراعة الأرض مباشرة والاستفادة من جذور المحاصيل السابقة حيث تعد هذه العملية فلاحة طبيعية ،ولكن من أحد معوقاتها هو أنها تحتاج إلى طرائق الري الحديث ومن المعروف أن غالبية الفلاحين لما يزالوا يعتمدون على الطرق القديمة في الري أو تأمين الآليات لجمع البقايا علماً أنها كانت متوافرة في السابق وتسمى لمامة القش.
نصيحة
وفي النهاية قدم المهندس كمال نصيحة للفلاحين وهي ضرورة إضافة المواد العضوية إلى التربة لتحسينها لافتاً إلى أنه يوجد بعض الفلاحين الذين أضافوها ولاقوا نتائج إيجابية.
ونحن نقول:
في السنوات الأخيرة وبعد أن تدهورت حال معظم الفلاحين نتيجة الخسائر في معظم المحاصيل وارتفاع تكاليف الزراعة لابد من تقديم المساعدة لهم في أي مجال يمكن المساعدة به بدلاً من إلقاء اللوم عليه، ومن جانب آخر لم لايتم استثمار هذه البقايا وتشجيع المستثمرين للاستفادة منها؟ولاسيما أنها تدخل في صناعات عديدة مثل الورق والكرتون وورق الجرائد أو تأمين الآلات الخاصة بجمع البقايا بحيث تخفف من تكاليف الفلاح.

حماة – نسرين سليمان
 

 

 

 

المزيد...
آخر الأخبار