البنت منذ صغرها تحاول تقليد أمها في مشيتها وزينتها وملابسها ويتواصل هذا الشعور في النمو مع تقدمها في الكبر وتصبح عيونها تراقب الأب وتتساءل لماذا يشتري لأمي وأنا لا.. لماذا هي وأنا لا. هنا هل يعد هذا الشعور غيرة أو تقليداً أو من شدة الحب .
أقلد أمي
تقول هلا: كنت أقلد أمي ببعض الأشياء حيث لا أجد ذلك غيرة ولكن كنت أنظر لوالدتي كونها انثى لا بد أن أفعل مثلها، وأضافت والآن إنني متزوجة وابنتي تحاول تقليدي بكل شيء وليس ذلك فقط وإنما محاسبة زوجي على ما يقدمه لي لماذا لا يقدم لها ومع ذلك فإنني أشعر بالسعادة عندما تفعل هكذا حيث أجدها غريزة وأتذكر طفولتي بها .
تفاوت في الدرجات
وتوضح أم أحمد أن الأم هي النموذج المثالي في عيون ابنتها ولذلك فمن الطبيعي ان تقلدها البنت في كل شيء والغيرة احساس طبيعي بداخل كل منا وتتفاوت درجاته تبعاً للشخصية والتربية وغيرة البنت من أمها شعور طبيعي قد يصل إلى الحد المرضي في بعض الأحيان وقد يسبب قلقاً داخل الاسرة.
موضحة أن البنت دائماً في السن المبكرة تنظر الى أمها كنموذج ومثل أعلى فتقلده ولكن في سن المدرسة تبدأ الطفلة في النضج وهنا يمكن للام ان تعهد اليها ببعض المسؤوليات لتعطيها ثقة في نفسها ولتشعرها ان لها مكانة واهمية في الاسرة حيث يتولد لديها في هذه المرحلة رغبة كبيرة في اثبات الذات وعندما تعطي الام فرصة لابنتها بان تثبت ذاتها فان ذلك يقيم نوعا من التوازن بين غيرة الابنة وبين مكانتها وثقتها بنفسها وبناء مشاعر الثقة بالنفس والروح المعنوية العالية لدي البنت مهمة الام والتي لابد ان تكون علي وعي تام بطبيعة ابنتها ونظرتها اليها.
الأم هي الأساس
وتؤيدها الرأي سمر موضحة أن الأم دائماً هي الأساس التي تبني عليه شخصية الطفل فهي الاكثر معرفة ودراية بابنتها ويمكنها تدارك هذا الموضوع بسرعة بأن تصادق ابنتها وتخلق منها شخصية مسؤولة فتبدأ في اشراكها في أعمال المنزل وتشعرها بأنها مهمة ولها دور فعال وحقيقي في الاسرة وتنبع استقلالية الفتاة من احساسها بالمسؤولية وهنا تلغي المقارنة بينها وبين والدتها وتبدأ في ممارسة دورها الطبيعي.
الاستحواذ على كل شيء
تشكتي منال من ابنتها فهي دائمة التقليد لها كما أحياناً تشعر بأن ابنتها ترغب بالاستحواذ على كل ما تمتلكه الأم مبينة أنها كثيراً ما تعرضت لأمور من ابنتها استفزتها .
ففي احدى المرات كان زوجي مسافر خارج البلاد وعندما عاد أحضر لي عدد من العطور فبدأت بالبكاء والصراخ طالبة أن تكون العطور تلك لها وأنه يجب ألا يحضر لي هدايا وإنما العكس .
وتوافقها الرأي بيان مبينة أنها في كل صباح تأتي ابنتها مستيقظة لترى ما ترتديه والدتها وتطلب منها ان تحضر لها نفس الكنزة أو البنطال وعندما تعود من العمل ولا تحضر لها تبدأ بالصراخ والبكاء مبينة أنه لإنهاء الأمر تعطيها ملابسها نفسهم .
استيعاب للفكرة
أما سناء تبين أن لديها ابنه تبلغ من العمر أربع سنوات والتي تؤكد انها ضرة لها فما تفعل أبسط الأمور حتى تريد أن تفعل مثلها حتى وإن أرادت ان تغسل وجهها تريد ابنتها فعل نفس الشيء، موضحة أنه في بداية الأمر كانت كثيرة الشكوى والتأفف من الأمر وأحياناً تلجأ الى الصراخ عليها وانما مع الوقت وسؤال الآخرين استوعبت الفكرة وأصبحت أحاول ان أمتص غيرتها وأحاول أن أكون لها صديقة وبناء شخصيتها وثقتها.
وترى سماح أنه لا بد على الأم أن تقوم بمصادقة ابنتها ومحاولة امتصاص الغيرة المتواجدة عندها وذلك لكون الأم والأب هما المثل الأعلى للأبناء ويريدون أن يكونون مثلهم، فلذلك تبدأ البنت عندما تشعر بأنها مستقلة بنفسها تريد تقليد أمها وان تكون مكانها وهذا الأمر يعود على الأهل بجعله غيرة او يستغلون ذلك ويبنون منهم شخصية.
رأي اختصاصية
تقول الاختصاصية رانيا. ق/ اختصاص ارشاد نفسي: ان الصغار دائماً يغارون من سلطة الكبار وقوتهم، مؤكدة أنه تتحول الغيرة الطبيعية تجاه الأم إلى غيرة مرضية، و يتوقف ذلك على وعي الأم بطبيعة ابنتها وأسلوب تعاملها معها وادراكها للتغيرات النفسية التي تحدث لها مع نموها. وتبين أن للأب أيضاً له دور كبير، فتفضيله الدائم للأم وإحساس البنت بعدم الأهمية وأن مكانة أمها عند الأب تهدد مكانتها وتقلل منها يزيد من غيرتها منها وهنا تشعر البنت باستحواذ الأم على مشاعر الأب وحبه فتبدأ الغيرة في التحول من شعور طبيعي إلى شعور مرضي فهنا لابد للأب من الانتباه إلى أهمية هذا الموضوع وتجاوزه معالجته والتقرب من ابنته وابعاد شعور الغيرة من قلبها.
ربا القصير