في كل يوم نكتشف في حياتنا السورية مأساة صنعتها الحرب، لا تنفّذ خريطة سياسية ببرود، بل بحقد وتشفٍ، وبالحد الأقصى من الوجع. نقول كلما لامسنا مأساة: كم ابتعد الأمس! ولن نكون اليوم مثلما كنا أمس! فالأخبار التي تتصدر مؤتمرات الدول، في السر والعلن، مغلّفة بالغيرة على حقوق الإنسان، وعلى ممرات إنسانية للإغاثة، ليست أحداثاً سياسية مجردة، بل حياة بشر.
حياتنا نحن! وحياة الضحايا المغرّر بهم، أيضاً! أمس استمعنا إلى امرأة تشيلية رحلت من تونس مع زوجها إلى تركيا وتسللا إلى سورية للجهاد! عرفتْ أن أصحابها متنوعي الجنسيات خطفوا نساء وأطفالاً من قرى اللاذقية.
ولعلهم هم الضحايا المحقونين بالسارين أو بمخدر ما، الذين عرضوا في أفلام فيديو! نادمة؟ في نهاية اللقاء بكت بحرقة. لا يخطئ القلب الإنساني في شعوره بأنها ضائعة، وأن حياتها مدمرة. لكن قلبنا صرخ: ماذا أتى بكم أيها الغرباء إلى سورية؟ ألم تجدوا في العالم مكاناً تجاهدون فيه غير الوطن الذي كان استثنائياً بأمانه؟ نسيتم أن سورية احتضنت المقهورين والمطاردين من شيشان وداغستان وكريت وتونسيين يوم عزّ عليهم الماء والخبز والمأوى؟! تريدون الجهاد؟ أمامكم إسرائيل! ساعدوا الشعب الفلسطيني الذي يُدعس أطفاله بسيارات المستوطنين، وتقتلع أشجار زيتونه. والزيتون للفلسطيني عزيز كالولد، تاريخي كالهوية، راسخ منذ مسح بزيته السيد المسيح الموجوعين. الجهاد؟ أمامكم القدس التي يجتاح مسجدها الأقصى المستوطنون!
كتاب (الحرب المفتوحة)
بقلم: د. ناديا خوست
والصادر بطبعة الكترونية عن الهيئة العامة السورية للكتاب.