اعتصر بعضهم يراعاتهم و أفادونا أن «خليل حاوي» من مواليد الشوير في لبنان ، و الحقيقة أن مسقط رأسه كان في قرية (الهوية) في سورية في السويداء تحديداً، عام 1919 م ، بعدها بأشهر عاد وأسرته إلى لبنان والتحق بالمدارس المحلية ، وفي عام 1929 دخل المدرسة الوطنية العالية ، لكن لشظف الحياة وقساوتها ترك المدرسة وعمل بالبناء و رصف الطرقات وتقليم الأشجار، حيث كانت أيامه قاسية جميلة رسمت فيه كثيراً من التأثير . عاد لمدرسة الشويفات العليا، ثم الجامعة الأمريكية في بيروت وحصل على إجازة بعلوم الآداب ، و في عام 1955 حاز شهادة الماجستير التي خولته لمنحة دراسية لتحصيل الدكتوراه في جامعة كامبردج عام /1960/ .
أطلق النار على رأسه و أصيب في عينه اليسرى مساء الخامس من حزيران 1982في شرفة منزله في لبنان .
شخصيته
كانت القومية قدره وقضيته، يحمل اليأس والأمل ، الشك و الإيمان ، النشوة والخيبة في شخصه، وهذا ما ظهر في معظم أشعاره، فكان التضاد عنواناً عريضاً لديه, يقول في قصيدة / الجسر / بعدما عرف عن يأسه وقنوطه :
إن لي أطفال
ولي في حبهم خمر و زاد
من حصاد الحقل عندي ما كفاني
وإن كان ناقماً على التخلف العربي و الخذلان الجاثم فوق صدره، بعدما عبر عنه بمناسبات عدة، منها قصيدة / نعش السكارى / فيقول :
و لماذا أنت مازلت
تغنين العذارى ، و صبابات العذارى
أنت يا موطوءة النهدين
يا نعش العذارى
من رؤياه
تفضيل الحضارة السائرة لتكوين روحانيات جديدة بفعل إرادة حيثياتها الواضحة ، على حضارة غارقة في القدم و الاعتماد على الغيبيات غير المحدودة ، فذكر في قصيدة / البحار و الدرويش / :
يعبرون الجسر في الصبح خفافا
أضلعي امتدت لهم جسرا وطيد
وبالطبع والتأكيد قضية الموت لها عند حاوي كينونة خاصة ، كيف لا وهو من أنهى حياته بقراره، وكان يجيب على سؤال حاوره به الشاعر إبراهيم الجرادي في موقفه الفلسفي والحياتي والحضاري من الموت: الشعر وكل الأغراض والنشاطات الإنسانية الأخرى، يبدو كأنها ما وجدت إلا ليشغل الإنسان نفسه بها عن مجابهة الموت والتفكير المستديم فيه، لكن لا بد للإنسان من أن يجابه الموت في طور من أطوار حياته وبعد أن يعاني الموت – وهو حي – رعشة في أعصابه وكيانه كله يعود بنفس يائسة راضية إلى حد ما ويدخل في صلح مع الحياة.
تعليق
كانت الرموز عند خليل حاوي زاد شعره ، وهي رموز حسية و ثقافية مرتبطة بالأسطورة الشعبية، وربما تكمن حساسيته الإنسانية بإطلاق النار على رأسه مع دخول المحتل الإسرائيلي إلى بيروت، وإن كنت في هذه الإشكالية معه وضده في آن.
لكن هل اكتملت رسالة الحاوي بموته؟ أم هو لغز باق؟
نشرت سيرته الذاتية عام 1987 تحت عنوان (رسائل الحب و الحياة) .
شريف اليازجي