من هو عبقر ؟ ومن يكون ؟ سؤال يراود الكثير من الناس
منذ أقدم العصور وعبقر شغل الذهن العربي وبعض الآراء والأفكار اعتبرته جوهر الإلهام في الموسيقا والشعر .
كان العرب في الماضي يقولون : جن عبقر ، وقد نسبوا كل شيء في الجودة إلى عبقر حتى قيل : لم أر عبقرياً مثله ، ولكن اختلفت الآراء في فهم هذا المعنى ومعرفة نسبته منهم من قال :إن عبقر في أرض اليمن ، ومنهم من قال : في اليمامة ، ومنهم من قال في جبل يقع بالجزيرة العربي، أما ياقوت الحموي في معجم البلدان يقول :
لعل عبقر بلداً قديماً وتخرب ، ولما لم يعرفوه نسبوه إلى الجن ومن ثم نسب إليها كل عمل دقيق وعظيم ..
أما الثعالبي في كتابه ثمار القلوب يتحدث عن شياطين الإلهام فيقول :
كان الشعراء يزعمون أن الشياطين تلقي على أفواههم الشعر وتلقنه لهم ، وأن لكل فحل شيطاناً يقول الشعر على لسانه ، ومن كان شيطانه أمرداً كان شعره أجود ، وبلغ من تصديقهم أن ذكروا لهم أسماء فقالوا :
إن اسم شيطان الشاعر الأعشى ( مَسحَل) واسم شيطان الفرزدق (عمرو) والفرزدق يقول : شيطان جرير هو شيطاني إلا أنه من فمي ( أخبث)
فالعرب في الجاهلية ، وفي العصور الأدبية الأولى عرفوا صلة الشاعر بمصدر وحيه ، وهذا المصدر هو منهل العبقرية .
وأن عبقر ( جني) ذكر ولكن مع تقدم العصر بدأ الكشف عن جوهر الإلهام من الناحية النفسية فالشاعر قد يتأثر بذات أخرى وتكون مصدر فنه .
إن حالة الشاعر في معاناته الشعرية أشبه بحالة الأشياء التي تلد ، فالمعاني ، والصياغة ، واللغة ، والصور .. تتمخض عن انفعالات نفسية وتكون ميلاداً لبنات أفكاره ، ولهذا يحب الشاعر شعره ..
أما الثقافة العربية تجاوزت اليوم الأمس ، فلم تعد حالة الإلهام من عبقر ، ولا إلى شيطان ذكر، إنما من نفس الشاعر وخياله وثقافته واطلاعه ، وقعدته الخارقة في الإبداع .
رامية الملوحي