الكوميديا هي أرقى أنواع الفنون ,لأنها تلامس شغاف القلب عبر مشهدية تحمل البسمة والضحكة التي نتوق إليها. في زمن الخراب والدمار ثمة بون شاسع بين الكوميديا والتهريج.
تجربتان من هذا النمط
العمل الأول الذي ادعى بأنه يقدم كوميديا (أنت عمري) قصة وسيناريو وحوار د زياد الريس وإخراج هشام شربتجي وبطولة الفنان أيمن زيدان والفنانة روعة ياسين والفنان أيمن رضا ,والعمل الثاني (ألو جميل ..ألو هنا…) قصة وسيناريو وحوار د زياد الريس وإخراج محمد شيخ نجيب وكذلك البطولة للفنان أيمن زيدان والفنانة التي اعتزلت في فترة توهجها نورمان أسعد وأيمن رضا ,كلا العملين تم عرضهما على الفضائية السورية وقناة سما في وقت واحد ومنذ فترة قريبة جداً ,رغم أنهما أنتجا منذ زمن بعيد , لن أسرد تفاصيل وحبكة كل عمل على حدا ,لأن البنية النصية (السيناريو والحوار) مفتعلة ومسطحة,مواقف مفبركة تتصاعد بشكل من السذاجة والافتعال ,وفي (ألو جميل…ألو هنا …) في نهاية أكثر من مشهد يخاطب الفنان أيمن زيدان المشاهد بشكل مباشر ودون تمثيل لكي يقول لنا نحن نمثل فلا تصدقوا ولا تتوهموا ما نقدمه , وكأننا في مسرح بريخت ويكسر الجدار الرابع ليوقظ الجمهور من التماهي فيما يقدمه من مقولة فكرية وفنية ,ولكن هذه الطريقة في إنتاج عمل يدعي بأنه يقدم كوميديا هو الطامة الكبرى لأنها طريقة في كسر الحاجز مع المشاهد بشكل سمج منفر رغم أن الفنان أيمن زيدان قد تألق في (يوميات مدير عام ) وكتب النص الكوميدي د زياد الريس صاحب (أنت عمري و ألو جميل …ألو هنا ) .
أين تكمن المفارقة ؟
ربما هو الإفلاس الفني والفكري في إبداع نص كوميدي أو يقارب قليلاً الكوميديا فيما يذهب إليه , لقد ابتكر وجدد أدواته وأفكاره الكاتب السينارست الرائع ممدوح حمادة فيما يقدمه ,فقدم عمله (قانون ولكن ) إخراج رشا شربتجي ,وأتحفنا برائعته (ضيعة ضايعة ) مع شريكه المبدع المخرج الليث حجو , ثم قدما (الخربة ) ومن بعدها (ضبوا الشناتي ) و (الواق الواق ) إن المتابع لمسيرة الكاتب د ممدوح حمادة يكتشف تنوع أفكاره وأساليبه بالكتابة وحضور الكوميديا التي تنتمي إلى (كوميديا الموقف) . بل إن ممدوح حمادة لا يتقن فن النكته لأنه ببساطه هو مبدع كوميدي بامتياز وليس مهرجاً ,لأن كتابة الكوميديا بحاجة لخصوبة شديدة في بناء المفارقات الملتبسة التي تنتج كوميديا سوداء ,هي كوميديا ترفع شعارها (شر البلية مايضحك) .
للأسف حدث هذا
إن المتابع لمسلسل (أنت عمري و ألو جميل …ألو هنا) يتأسف على جهد ضائع وخصوصاً أن من تصدوا للبطولة, هم نجوم ولهم حضورهم الدرامي والكوميدي في المشهد الثقافي والفني في سورية والوطن العربي ,وهم يمتلكون طاقات فنية هائلة ولكنها ….للأسف كانت معطلة .
محمد أحمد خوجة