منذ بدأت أتعرف على الشعر الحديث
انحاز حيز واسع من روحي لشاعرية عبد النبي التلاوي
و تمدد اطلاعي واتسع وطفت حول معظم نتاج الحداثة، وما وهن وهج شعر عبد النبي.
ولم تكن تربطني به أية علاقة شخصية.. ولكن كانت صلاتي مع شعره تتوثق.. و فرحت يوم فاز بجائزة يوسف الخال لأنها جائزة حملت مصداقية كبيرة في تتويج الفائزين على مساحة الوطن العربي..
كنت كثيراً أتساءل عن قدرة شاعريته على أسر أمزجة مختلفة.. نسبها عباس بيضون إلى السلالة الماغوطية على أنني أول من أصدر كتابا نقديا درس فيه شاعرية الماغوط..فما استسلمت لمسوغات بيضون.
التلاقي في لمع دهشة الصورة و إبراقها بسلسلة من الإدهاش الذي يتهجى مخيلة المتلقي بوخز جمالي لا يعني الماغوطية .
وزخم السخط وقسوة الصورة وقدرتها على بناء إثارة محببة لما تشعر به من نزق أو حدة كذلك تنتمي لهويتها التلاوية..
ثنائيات المرأة المدينة المرأة الوطن.. المرأة القصيدة.. المرأة الكينونة تتخذ هويتها و تشكل أفقا شعرياً تستدرج مختلف ثنائية الحياة والجمال والألم.
وإيقاع الاتحاد الحلولي الصوفي بين المرأة ومختلف ثنائيات قضايا الشعر والثقافة والفن تراه حضرة وحالا في شعره،و لكن تجربة متميزة أكدت خصوصيتها التصويرية والدرامية وينابيع شعريتها بشاعرها فيمكن لقارئ عبد النبي أن يميز قصائده ببساطة وتلك ميزة عظمى.
ولكن ظل السؤال بذهني: ما قصة الحب المعلن لقصائد عبد النبي
ربما لأني في إيقاعها أتهحى زقزقة أصيلة لعندليب اكتحل صوته بخضرة الميماس أو لأني أتلمس حدود آهي حين تعزف رائحة القصب المتشاجر مع الريح للعب بأمواج العاصي ولأني أميز فيها شاعر بحق كان نايا شجيا يحكي أصول خضرته في قصب العاصي ويرسم في الأفق أصداء لأبعاد وجود الإنسان فتشكل غيمة وتهطل لتنبش رائحة تراب حمص الخاصة في ذاكرتنا.
هو عبد النبي الذي يسأله صفصاف العاصي: لم لا تلقي مزاميرك لتكتمل خضرة رموزي؟
أو تسأله الفراشات: لمن زهت أجنحتي إن أغمضت حروفك زهر لوزها عن درب النحل؟
لعل الكلام يطول بحق شاعر كبير بخصوصية قصيدته وفرادتها.
..من عبق شعر عبد النبي التلاوي
كأنَّ دمي نصفُ هذي القصيدةِ…
نصفُ الهواءِ
وماءِ البحيراتِ…
نصفُ الذي بيننا والذي…
بين جرحين من عَسلٍ في فضاء
حبيبي انتظرني
انتظرني قليلاً
لأكتبَ شيئاً يليقُ بعينيكَ
إنْ أَحرجَتني ونامتْ يداي
افترضنيَ كوخاً تلوذُ إليهِ
ويدفنُ فيهِ أساكَ أساي
احتضني قليلاً…
لأنشبَ أظفارَ روحي بصدركَ…
أصرخُ بالكونِ أَنْتَ فتايْ
لوجهكَ يا حلو هذا الكلامُ
السلامُ..
الإشاراتُ..
هذا الحنانْ
لصوتكَ هذا الحنينُ الدفينُ
الكمانُ
الأنينُ
وَهذا البنفسجُ والحبُّ نايْ
أحبك ياليتني لا أحبك
ياليت قلبي بصدر سواي!.
د. خالد زغريت