لقد شكل مهرجان حماة المسرحي في دورته الأولى في نهاية الثمانينات من القرن الماضي حدثاً ثقافياً فكرياً وفنياً ,للعاملين والمهتمين بالشأن الثقافي والفني ,ولهذا كان يعول عليه الكثير الكثير من أحلام الشباب ومن عشاق المسرح والمتابعين له,وقد ساهم (قليلاً أو كثيراً) مع مهرجان حمص المسرحي في هذا الحراك الفكري الفني .
تساؤل …أعتقد بريء
بعد خمسة وعشرين عاماً ألا يحق لنا أن نتساءل عن حصاد السنوات المنصرمة .. (سلباً وإيجاباً ) …لنعترف بداية بأن المهرجان (بعيداً عن التسمية) هو ملك لمحافظة حماة وليس لجهة محددة وإن كانت قائمة عليه,أن تدعي أو أن تحتكر الاسم لصالحها حتى وإن كانت الممول والمنظم لهذا المهرجان , والأهم من هذا أن حدود المحافظة (طبعاً ليس الجغرافية) الفكرية والفنية والإنساني تتجاوز أي مؤسسة أو نقابة , فالمهرجان عندما يسمى باسم المحافظة يعتبر الجميع شركاء بهذا المنجز الحضاري والإنساني ,أما في حال الإصرار بأنه منجز لتلك المؤسسة فأعتقد أن المواطن يشعر بأنه ليس له علاقة به وليس معنياً بتطور أو بتراجع الحالة المسرحية وكأن هذا الحراك الثقافي الفني هو سياحة فنية طارئة وعابرة لهذه المحافظة .
أعتقد بأن هذه السنوات الطويلة ,يجب أن تنتج حالة مسرحية متقدمة في سورية (بالنسبة لفناني المحافظة) على صعيد العرض المسرحي المتميز والمخرج المبدع والكاتب المتألق والممثل ذي الحضور المتوهج ,وكي لا أصادر أي رأي مازالت التجارب المقدمة من أبناء المحافظة هي تجارب متواضعة إذا ما قيست بتجارب الآخرين.
في كل دورة يتردد دائماً بأن لجنة فنية ستختار العروض المناسبة ,وأعتقد (ولن أجزم) في أكثر الأحيان لا يفعل دور هذه اللجنة …لماذا ؟ لا أعلم… وهذا أوقعنا بعروض ذات سوية متواضعة جداً .
في الدورات السابقة ,وتحديداً السنوات الأولى، كان الحوار والمناقشة تعقب كل عرض مسرحي ,ولهذا الحوار سمو جميل في تبادل الآراء بين الفنانين والمتذوقين والنقاد وأصحاب العرض المسرحي ,إن ندوة الحوار ترتقي بسوية الفنانين الفكرية والفنية ,وحتى العامة المتابعين للحركة المسرحية,فالمتلقي العادي كان يسر من مجمل الآراء التي تثار عقب كل عرض, بل مازلت أذكر بأن أحد العامة الشغوف بالمسرح (بائع خضار) تكلم عقب عرض بكلام يحمل من الصدق في الرؤيا والتذوق الفني ماأدهشنا على بساطته حتى بات مضرب مثل من النقاد والآخرين عن سوية وعي فني جميل وبسيط وعميق.
ندوة مختصة للعاملين بالمسرح
كانت هذه الندوة تقليداً مرافقاً للمهرجان , ندوة تبحث وتثير هموم ومشاكل العرض المسرحي ,من النص إلى العرض المنجز النهائي ,وكان يتصدى لهذا الموضوع أحد المحترفين (ناقد –كاتب- مخرج- ممثل) ويعقب هذا حوار شيق يضفي على المهرجان مسحة من الأمل بالارتقاء بالعرض المسرحي ….وهذه الندوة غابت أم شطبت من برنامج المهرجان …لماذا …؟ الجواب عند القائمين عليه .
معرض للفن التشكيلي …
لقد كان المعرض الفني الذي يرافق المهرجان ويقام في صالة عرض اتحاد الفنانين التشكيلين بحماة (وهي من أجمل الصالات بسورية) تظاهرة إبداعية لفن بصري يتزاوج مع الفن المسرحي كفن بصري بامتياز ,والغاية هي الارتقاء بالذائقة الفنية للفنانين والعامة ,وأحياناً يقام معرض لفنان كاريكاتير من المحافظة …لماذا غاب هذا ….؟
على صعيد الجمهور في الدورات السابقة (الأخيرة) شكلت
حالة التصفيق المجاني والصفير المزعج حالة منفرة من الجمهور الحاضر لمشاهدة عرض مسرحي يحمل قليلاً من الفائدة والمتعة ,والتصفيق والصفير هما فعل غير حضاري ,ويجب أن يكون هناك حل جذري لهذا الإزعاج .
كلمة أخيرة…
أرجو من القائمين على هذا المهرجان ,ولهم الشكر الجزيل لما قدموه ويقدمونه ,ولكن إذا كانت كل دورة لا تنتج رافعة لتطور العرض المسرحي بمحافظة حماة فإننا للأسف نكرس حالة متخلفة لمسرح تجاوزه الآخرون بأشواط بعيدة … أرجو أن يتسع صدرهم, فقد ذكرت ما ذكرته لأنني معني مثل الجميع بهذا المهرجان , ولأننا نسعى أن نطور ونتطور بمهرجاننا لأنه يهم الجميع في محافظة حماة الرائعة .